التفسير في ذلك أقوالا وقال الصواب قول من قال المخلقة المصورة خلقا تاما وغير المخلقة السقط قبل تمام خلقه وهو قول مجاهد والشعبي وغيرهما وقال ابن بطال غرض البخاري بادخال هذا الحديث في أبواب الحيض تقوية مذهب من يقول إن الحامل لا تحيض وهو قول الكوفيين وأحمد وأبى ثور وابن المنذر وطائفة واليه ذهب الشافعي في القديم وقال في الجديد انها تحيض وبه قال إسحاق وعن ملك روايتان (قلت) وفى الاستدلال بالحديث المذكور على انها لا تحيض نظر لأنه لا يلزم من كون ما يخرج من الحامل هو السقط الذي لم يصور ان لا يكون الدم الذي تراه المرأة التي يستمر حملها ليس بحيض وما ادعاه المخالف من أنه رشح من الولد أو من فضلة غذائه أو دم فساد لعلة فمحتاج إلى دليل وما ورد في ذلك من خبر أو أثر لا يثبت لان هذا دم بصفات دم الحيض وفى زمن امكانه فله حكم دم الحيض فمن ادعى خلافه فعليه البيان وأقوى حججهم ان استبراء الأمة اعتبر بالمحيض لتحقق براءة الرحم من الحمل فلو كانت الحامل تحيض لم تتم البراءة بالحيض واستدل ابن المنير على أنه ليس بدم حيض بان الملك موكل برحم الحامل والملائكة لا تدخل بيتا فيه قذر ولا يلائمها ذلك وأجيب بأنه لا يلزم من كون الملك موكلا به ان يكون حالا فيه ثم هو مشترك الالزام لان الدم كله قذر والله أعلم * (قوله باب كيف تهل الحائض بالحج والعمرة) مراده بيان صحة اهلال الحائض ومعنى كيف في الترجمة الاعلام بالحال بصورة الاستفهام لا الكيفية التي يراد بعدها الصفة وبهذا التقدير يندفع اعتراض من زعم أن الحديث غير مناسب للترجمة إذ ليس فيها ذكر صفة الاهلال (قوله من أهل بحج) في رواية المستملى بحجة في الموضعين وكذا للحموي في الموضع الثاني (قوله قالت فحضت) أي بسرف قبل دخول مكة (قوله حتى قضيت حجتي) في رواية كريمة وأبى الوقت حجى والكلام على فوائد الحديث يأتي في كتاب الحج إن شاء الله تعالى * (قوله باب اقبال المحيض وادباره) اتفق العلماء على أن اقبال المحيض يعرف بالدفعة من الدم في وقت امكان الحيض واختلفوا في ادباره فقيل يعرف بالجفوف وهو أن يخرج ما يحتشى به جافا وقيل بالقصة البيضاء واليه ميل المصنف كما سنوضحه (قوله وكن) هو بصيغة جمع المؤنث ونساء بالرفع وهو بدل من الضمير نحو أكلوني البراغيث والتنكير في نساء للتنويع أي كان ذلك من نوع من النساء لا من كلهن وهذا الأثر قد رواه مالك في الموطأ عن علقمة ابن أبي علقمة المدني عن أمه واسمها مرجانة مولاة عائشة قالت كان النساء (قوله بالدرجة) بكسر أوله وفتح الراء والجيم جمع درج بالضم ثم السكون قال ابن بطال كذا يرويه أصحاب الحديث وضبطه ابن عبد البر في الموطأ بالضم ثم السكون وقال إنه تأنيث درج والمراد به ما تحتشي المرأة من قطنة وغيرها لتعرف هل بقى من أثر الحيض من شئ أم لا (قوله الكرسف) بضم الكاف والسين المهملة بينهما راء ساكنة هو القطن (قوله فيه الصفرة) زاد مالك من دم الحيضة (قوله فتقول) أي عائشة والقصة بفتح القاف وتشديد المهملة هي النورة أي حتى تخرج القطنة بيضاء نقية لا يخالطها صفرة وفيه دلالة على أن الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض وأما في غيرها فسيأتي الكلام على ذلك في باب مفرد إن شاء الله تعالى وفيه ان القصة البيضاء علامة لانتهاء الحيض ويتبين بها ابتداء الطهر واعترض على من ذهب إلى أنه يعرف بالجفوف بان القطنة قد تخرج جافة في أثناء الامر فلا يدل ذلك على انقطاع الحيض بخلاف القصة وهى ماء أبيض
(٣٥٦)