القرآن وبحديثها أيضا من حدثكم أنه كان يبول قائما فلا تصدقوه ما كان يبول الا قاعدا والصواب أنه غير منسوخ والجواب عن حديث عائشة انه مستند إلى علمها فيحمل على ما وقع منه في البيوت وأما في غير البيوت فلم تطلع هي عليه وقد حفظه حذيفة وهو من كبار الصحابة وقد بينا أن ذلك كان بالمدينة فتضمن الرد على ما نفته من أن ذلك لم يقع بعد نزول القرآن وقد ثبت عن عمر وعلى وزيد بن ثابت وغيرهم أنهم بالوا قياما وهو دال على الجواز من غير كراهة إذا أمن الرشاش والله أعلم ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهى عنه شئ كما بينته في أوائل شرح الترمذي والله أعلم * (قوله باب غسل الدم) بفتح الغين ويحيى هو ابن سعيد القطان وهشام هو ابن عروة وفاطمة هي زوجته بنت عمه المنذر وأسماء هي جدتهما لأبويهما بنت أبي بكر الصديق (قوله جاءت امرأة) وقع في رواية الشافعي عن سفيان بن عيينة عن هشام في هذا الحديث أن أسماء هي السائلة وأغرب النووي فضعف هذه الرواية بلا دليل وهى صحيحة الاسناد لا علة لها ولا يعد في أن يبهم الراوي اسم نفسه كما سيأتي في حديث أبي سعيد في قصة الرقية بفاتحة الكتاب (قوله تحيض في الثوب) أي يصل دم الحيض إلى الثوب وللمصنف من طريق مالك عن هشام إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة (قوله تحته) بالفتح وضم المهملة وتشديد المثناة الفوقانية أي تحكه وكذا رواه ابن خزيمة والمراد بذلك إزالة عينه (قوله ثم تقرصه) بالفتح واسكان القاف وضم الراء والصاد المهملتين كذا في روايتنا وحكى القاضي عياض وغيره فيه الضم وفتح القاف وتشديد الراء المكسورة أي تدلك موضع الدم بأطراف أصابعها ليتحلل بذلك ويخرج ما تشربه الثوب منه (قوله وتنضحه) بفتح الضاد المعجمة وضم الحاء أي تغسله قاله الخطابي وقال القرطبي المراد به الرش لان غسل الدم استفيد من قوله تقرصه بالماء وأما النضح فهو لما شكت فيه من الثوب (قلت) فعلى هذا فالضمير في قوله تنضحه يعود على الثوب بخلاف تحته فإنه يعود على الدم فيلزم منه اختلاف الضمائر وهو على خلاف الأصل ثم إن الرش على المشكوك فيه لا يفيد شيئا لأنه إن كان طاهرا فلا حاجة إليه وإن كان متنجسا لم يطهر بذلك فالأحسن ما قاله الخطابي قال الخطابي في هذا الحديث دليل على أن النجاسات انما تزال بالماء دون غيره من المائعات لان جميع النجاسات بمثابة الدم لا فرق بينه وبينها اجماعا وهو قول الجمهور أي يتعين الماء لإزالة النجاسة وعن أبي حنيفة وأبى يوسف يجوز تطهير النجاسة بكل مائع طاهر ومن حجتهم حديث عائشة ما كان لإحدانا الا ثوب واحد تحيض فيه فإذا أصابه شئ من دم الحيض قالت بريقها فمصعته بظفرها ولابى داود بلته بريقها وجه الحجة منه أنه لو كان الريق لا يطهر لزاد النجاسة وأجيب باحتمال أن تكون قصدت بذلك تخليل أثره ثم غسلته بعد ذلك كما سيأتي تقريره في كتاب الحيض في باب هل تصلى المرأة في ثوب حاضت فيه * (فائدة) * تعقب استدلال من استدل على تعيين إزالة النجاسة بالماء من هذا الحديث بأنه مفهوم لقب وليس بحجة عند الأكثر ولأنه خرج مخرج الغالب في الاستعمال لا الشرط وأجيب بأن الخبر نص على الماء فالحاق غيره به بالقياس وشرطه أن لا ينقص الفرع عن الأصل في العلة وليس في غير الماء ما في الماء من رقته وسرعة نفوده فلا يلحق به وسيأتي باقي فوائده في باب غسل دم الحيض إن شاء الله
(٢٨٥)