قاله ابن المنذر وغيره ولم يصح عن أحد من الصحابة انكار ذلك قاله ابن حزم وهذا كله مما يقوى به المرسل المتقدم ذكره والله أعلم (قوله بدأ بمقدم رأسه) الظاهر أنه من الحديث وليس مدرجا من كلام مالك ففيه حجة على من قال السنة ان يبدأ بمؤخر الرأس إلى أن ينتهى إلى مقدمه لظاهر قوله أقبل وادبر ويرد عليه ان الواو لا تقتضى الترتيب وسيأتى عند المصنف قريبا من رواية سليمان ابن بلال فادبر بيديه وأقبل فلم يكن في ظاهره حجة لان الاقبال والادبار من الأمور الإضافية ولم يعين ما أقبل إليه ولا ما أدبر عنه ومخرج الطريقين متحد فهما بمعنى واحد وعينت رواية مالك البداءة بالمقدم فيحمل قوله اقبل على أنه من تسمية الفعل بابتدائه أي بدا بقبل الرأس وقيل في توجيهه غير ذلك والحكمة في هذا الاقبال والادبار استيعاب جهتي الرأس بالمسح فعلى هذا يختص ذلك بمن له شعر والمشهور عمن أوجب التعميم ان الأولى واجبة والثانية سنة ومن هنا يتبين ضعف الاستدلال بهذا الحديث على وجوب التعميم والله أعلم (قوله ثم غسل رجليه) زاد في رواية وهيب الآتية إلى الكعبين والبحث فيه كالبحث في قوله إلى المرفقين والمشهور أن الكعب هو العظم الناشز عند ملتقى الساق والقدم وحكى محمد بن الحسن عن أبي حنيفة أنه العظم الذي في ظهر القدم عند معقد الشراك وروى عن ابن القاسم عن مالك مثله والأول هو الصحيح الذي يعرفه أهل اللغة وقد أكثر المتقدمون من الرد على من زعم ذلك ومن أوضح الأدلة فيه حديث النعمان بن بشير الصحيح في صفة الصف في الصلاة فرأيت الرجل منا يلزق كعبه بكعب صاحبه وقيل إن محمدا انما رأى ذلك في حديث قطع المحرم الخفين إلى الكعبين إذا لم يجد النعلين وفى هذا الحديث من الفوائد الافراغ على اليدين معا في ابتداء الوضوء وان الوضوء الواحد يكون بعضه بمرة وبعضه بمرتين وبعضه بثلاث وفيه مجئ الامام إلى بيت بعض رعيته وابتداؤهم إياه بما يظنون أن له به حاجة وجواز الاستعانة في احضار الماء من غير كراهة والتعليم بالفعل وان الاغتراف من الماء القليل للتطهر لا يصير الماء مستعملا لقوله في رواية وهيب وغيره ثم ادخل يده فغسل وجهه الخ واما اشتراط نية الاغتراف فليس في هذا الحديث ما يثبتها ولا ما ينفيها واستدل به أبو عوانة في صحيحه على جواز التطهر بالماء المستعمل وتوجيهه ان النية لم تذكر فيه وقد أدخل يده للاغتراف بعد غسل الوجه وهو وقت غسلها وقال الغزالي مجرد الاغتراف لا يصير الماء مستعملا لان الاستعمال انما يقع من المغترف منه وبهذا قطع البغوي واستدل به المصنف على استيعاب مسح الرأس وقد قدمنا انه يدل لذلك ندبا لا فرضا وعلى انه لا يندب تكريره كما سيأتي في باب مفرد وعلى الجمع بين المضمضة والاستنشاق من غرفة كما سيأتي أيضا وعلى جواز التطهر من آنية النحاس وغيره (قوله باب غسل الرجلين إلى الكعبين) تقدمت مباحثه في الباب الذي قبله وعمرو المذكور هو ابن يحيى بن عمارة شيخ مالك المتقدم وعمرو بن أبي حسن عم أبيه كما قدمناه وسماه هناك جده مجازا وأغرب الكرماني تبعا لصاحب الكمال فقال عمرو بن أبي حسن جد عمرو بن يحيى من قبل أمه وقد قدمنا ان أم عمرو بن يحيى ليست بنتا لعمرو بن أبي حسن فلم يستقم ما قاله بالاحتمال (قوله فتوضأ لهم) أي لأجلهم (وضوء النبي صلى الله عليه وسلم) أي مثل وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وأطلق عليه وضواه مبالغة (قوله ثم أدخل يده فغسل وجهه بين في هذه الرواية تجديد الاغتراف لكل عضو وانه اغترف بإحدى يديه وكذا هو في باقي الروايات
(٢٥٥)