إياهم في كثير من الأمور على أنفسهم فكان صنيعهم لذلك موجبا لمعاداتهم جميع الفرق الموجودين من عرب وعجم والعداوة تجر البغض ثم كان ما اختصوا به مما ذكر موجبا للحسد والحسد يجر البعض فلهذا جاء التحذير من بغضهم والترغيب في حبهم حتى جعل ذلك آية الايمان والنفاق تنوبها بعظيم فضلهم وتنبيها على كريم فعلهم وإن كان من شاركهم في معنى ذلك مشاركا لهم في الفضل المذكور كل بقسطه وقد ثبت في صحيح مسلم عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق وهذا جار باطراد في أعيان الصحابة لتحقق مشترك الاكرام لما لهم من حسن العناء في الدين قال صاحب المفهم واما الحروب الواقعة بينهم فان وقع من بعضهم بغض لبعض فذاك من غير هذه الجهة بل للامر الطارئ الذي اقتضى المخالفة ولذلك لم يحكم بعضهم على بعض بالنفاق وانما كان حالهم في ذلك حال المجتهدين في الاحكام للمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد والله أعلم (قوله باب) كذا هو في روايتنا بلا ترجمة وسقط من رواية الأصيلي أصلا فحديثه عنده من جملة الترجمة التي قبله وعلى روايتنا فهو متعلق بها أيضا لان الباب إذا لم تذكر له ترجمة خاصة يكون بمنزلة الفصل مما قبله مع تعلقه به كصنيع مصنفي الفقهاء ووجه التعلق أنه لما ذكر الأنصار في الحديث الأول أشار في هذا إلى ابتداء السبب في تلقيبهم بالأنصار لان أول ذلك كان ليلة العقبة لما توافقوا مع النبي صلى الله عليه وسلم عند عقبة منى في الموسم كما سيأتي شرح ذلك إن شاء الله تعالى في السيرة النبوية من هذا الكتاب وقد أخرج المصنف حديث هذا الباب في مواضع أخر في باب من شهد بدرا لقوله فيه كان شهد بدرا وفى باب وفود الأنصار لقوله فيه وهو أحد النقباء وأورده هنا لتعلقه بما قبله كما بيناه ثم إن في متنه ما يتعلق بمباحث الايمان من وجهين آخرين أحدهما ان اجتناب المناهي من الايمان كامتثال الأوامر وثانيهما انه تضمن الرد على من يقول إن مرتكب الكبيرة كافر أو مخلد في النار كما سيأتي تقريره إن شاء الله تعالى (قوله عائذ الله) هو اسم علم أي ذو عياذة الله وأبوه عبد الله بن عمرو الخولاني صحابي وهو من حيث الرواية تابعي كبير وقد ذكر في الصحابة لان له رؤية وكان مولده عام حنين والاسناد كله شاميون (قوله وكان شهد بدرا) يعنى حضر الوقعة المشهورة الكائنة بالمكان المعروف ببدر وهى أول وقعة قاتل النبي صلى الله عليه وسلم فيها المشركين وسيأتى ذكرها في المغازي ويحتمل ان يكون قائل ذلك أبو إدريس فيكون متصلا إذا حمل على أنه سمع ذلك من عبادة أو الزهري فيكون منقطعا وكذا قوله وهو أحد النقباء (قوله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم) سقط قبلها من أصل الرواية لفظ قال وهو خبر ان لان قوله وكان وما بعدها معترض وقد جرت عادة كثير من أهل الحديث بحذف قال خطا لكن حيث يتكرر في مثل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بد عندهم مع ذلك من النطق بها وقد ثبتت في رواية المصنف لهذا الحديث باسناده هذا في باب من شهد بدرا فلعلها سقطت هنا ممن بعده ولأحمد عن أبي واليمان بهذا الاسناد ان عبادة حدثه (قوله وحوله) بفتح اللام على الظرفية والعصابة بكسر العين الجماعة من العشرة إلى الأربعين ولا واحد لها من لفظها وقد جمعت على عصائب وعصب (قوله بايعوني) زاد في باب وفود الأنصار تعالوا بايعوني والمبايعة عبارة عن المعاهدة سميت بذلك تشبيها بالمعاوضة المالية كما في قوله تعالى ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم
(٦٠)