الاجتماع في المسجد النبوي وقد ذكرنا أن ابن منده أخرجه من طريق معمر باثبات ذكر العمامة فيه وعلى تقدير تفرد الأوزاعي بذكرها لا يستلزم ذلك تخطئته لأنها تكون زيادة من ثقة حافظ غير منافية لرواية رفقته فتقبل ولا تكون شاذة ولا معنى لرد الروايات الصحيحة بهذه التعليلات الواهية وقد اختلف السلف في معنى المسح على العمامة فقيل إنه كمل عليها بعد مسح الناصية وقد تقدمت رواية مسلم بما يدل على ذلك والى عدم الاقتصار على المسح عليها ذهب الجمهور وقال الخطابي فرض الله مسح الرأس والحديث في مسح العمامة محتمل للتأويل فلا يترك المتيقن للمحتمل قال وقياسه على مسح الخف بعيد لأنه يشق نزعه بخلافها وتعقب بان الذين أجازوا الاقتصار على مسح العمامة شرطوا فيه المشقة في نزعها كما في الخف وطريقه أن تكون محكمة كعمائم العرب وقالوا عضو يسقط فرضه في التيمم فجاز المسح على حائله كالقدمين وقالوا الآية لا تنفى ذلك ولا سيما عند من يحمل المشترك على حقيقته ومجازه لان من قال قبلت رأس فلان يصدق ولو كان على حائل والى هذا ذهب الأوزاعي والثوري في رواية عنه وأحمد واسحق وأبو ثور والطبري وابن خزيمة وابن المنذر وغيرهم وقال ابن المنذر ثبت ذلك عن أبي بكر وعمر وقد صح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال إن يطع الناس أبا بكر وعمر يرشدوا والله أعلم (قوله باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان) هذا لفظ رواية أبى داود من طريق يونس ابن أبي إسحاق عن الشعبي في هذا الحديث وسنبين ما بينها وبين لفظ حديث الباب من التفاوت (قوله حدثنا زكريا) هو ابن أبي زائدة (عن عامر) هو الشعبي وزكريا مدلس ولم أره من حديثه الا بالعنعنة لكن أخرجه أحمد عن يحيى القطان عن زكريا والقطان لا يحمل من حديث شيوخه المدلسين الا ما كان مسموعا لهم صرح بذلك الإسماعيلي (قوله فأهويت) أي مددت يدي قال الأصمعي أهويت بالشئ إذا أومات به وقال غيره أهويت قصدت الهواء من القيام إلى القعود وقيل الأهواء الإمالة قال ابن بطال فيه خدمة العالم وان للخادم أن يقصد إلى ما يعرف من عادة مخدومه قبل أن يأمره وفيه الفهم عن الإشارة ورد الجواب عما يفهم عنها لقوله فقال دعمها (قوله فانى أدخلتهما) أي القدمين (طاهرتين) كذا للأكثر وللكشميهني وهما طاهرتان ولابى داود فانى أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان وللحميدي في مسنده قلت يا رسول الله أيمسح أجدنا على خفيه قال نعم إذا أدخلهما وهما طاهرتان ولابن خزيمة من حديث صفوان بن عسال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر ثلاثا إذا سافرنا ويوما وليلة إذا أقمنا قال ابن خزيمة ذكرته للمزني فقال لي حدث به أصحابنا فإنه أقوى حجة للشافعي انتهى وحديث صفوان وإن كان صحيحا لكنه ليس على شرط البخاري لكن حديث الباب موافق له في الدلالة على اشتراط الطهارة عند اللبس وأشار المزنى بما قال إلى الخلاف في المسئلة ومحصله أن الشافعي والجمهور حملوا الطهارة على الشرعية في الوضوء وخالفهم داود فقال إذا لم يكن على رجليه نجاسة عند اللبس جاز له المسح ولو تيمم ثم لبسهما لم يبح له عندهم لان التيمم مبيح لا رافع وخالفهم أصبغ ولو غسل رجليه بنية الوضوء ثم لبسهما ثم أكمل باقي الأعضاء لم يبح المسح عند الشافعي ومن وافقه على ايجاب الترتيب وكذا عند من لا يوجبه بناء على أن الطهارة لا تتبعض لكن قال صاحب الهداية من الحنفية شرط
(٢٦٧)