القتل لان المقاتلة مفاعلة تستلزم وقع القتال من الجانبين ولا كذلك القتل وحكى البيهقي عن الشافعي أنه قال ليس القتال من القتل بسبيل فقد يحل قتال الرجل ولا يحل قتله (قوله فإذا فعلوا ذلك) فيحه التعبير بالفعل عما بعضه قول اما على سبيل التغليب واما على إرادة المعنى الأعم إذ القول فعل اللسان (قوله عصموا) أي منعوا وأصل العصمة من العصام وهو الخيط الذي يشد به فم القربة ليمنع سيلان الماء (قوله وحسابهم على الله) أي في أمر سرائرهم ولفظة على مشعرة بالايجاب وظاهرها غير مراد فاما أن تكون بمعنى اللام أو على سبيل التشبيه أي هو كالواجب على الله في تحقق الوقوع وفيه دليل على قبول الأعمال الظاهرة والحكم بما يقتضيه الظاهر والاكتفاء في قبول الايمان بالاعتقاد الجازم خلافا لمن أوجب تعلم الأدلة وقد تقدم ما فيه ويؤخذ منه ترك تكفير أهل البدع المقرين بالتوحيد الملتزمين للشرائع وقبول توبة الكافر من كفره من غير تفصيل بين كفر ظاهر أو باطن فان قيل مقتضى الحديث قتال كل من امتنع من التوحيد فكيف ترك قتال مؤدى الجزية والمعاهد فالجواب من أوجه أحدها دعوى النسخ بان يكون الاذن بأخذ الجزية والمعاهدة متأخرا عن هذه الأحاديث بدليل انه متأخر عن قوله تعالى اقتلوا المشركين ثانيها أن يكون من العام الذي خص منه البعض لان المقصود من الامر حصول المطلوب فإذا تخلف البعض لدليل لم يقدح في العموم ثالثها أن يكون من العام الذي أريد به الخاص فيكون المراد بالناس في قوله أقاتل الناس أي المشركين من غير أهل الكتاب ويدل عليه رواية النسائي بلفظ أمرت أن أقاتل المشركين فان قيل إذا تم هذا في أهل الجزية لم يتم في المعاهدين ولا فيمن منع الجزية أجيب بان الممتنع في ترك المقاتلة رفعها لا تأخيرها مدة كما في الهدنة ومقاتلة من امتنع من أداء الجزية بدليل الآية رابعها أن يكون المراد بما ذكر من الشهادة وغيرها التعبير عن اعلاء كلمة الله واذعان المخالفين فيحصل في بعض بالقتل وفى بعض بالجزية وفى بعض بالمعاهدة خامسها أن يكون المراد بالقتال هو أو ما يقوم مقامه من جزية أو غيرها سادسها أن يقال الغرض من ضرب الجزية اضطرارهم إلى الاسلام وسبب السبب سبب فكأنه قال حتى يسلموا أو يلتزموا مما يؤديهم إلى الاسلام وهذا أحسن ويأتي فيه ما في الثالث وهو آخر الأجوبة والله أعلم (قوله باب من قال) هو مضاف حتما (قوله إن الايمان هو العمل) مطابقة الآيات والحديث لما ترجم له بالاستدلال بالمجموع على المجموع لان كل واحد منها دال بمفرده على بعض الدعوى فقوله بما كنتم تعملون عام في الأعمال وقد نقل جماعة من المفسرين ان قوله هنا تعملون معناه تؤمنون فيكون خاصا وقوله عما كانوا يعملون خاص بعمل اللسان على ما نقل المؤلف وقوله فليعمل العاملون عام أيضا وقوله في الحديث ايمان بالله في جواب أي العمل أفضل دال على أن الاعتقاد والنطق من جملة الأعمال فان قيل الحديث يدل على أن الجهاد والحج ليسا من الايمان لما تقتضيه ثم من المغايرة والترتيب فالجواب ان المراد بالايمان هنا التصديق هذه حقيقته والايمان كما تقدم يطلق على الأعمال البدنية لأنها من مكملاته (قوله أورثتموها) أي صيرت لكم إرثا وأطلق الإرث مجازا عن الاعطاء لتحقق الاستحقاق وما في قوله بما أما مصدرية أي بعملكم واما موصوله أي بالذي كنتم تعملون والباء للملابسة أو للمقابلة فان قيل كيف الجمع بين
(٧٢)