النسائي من طريق طلق بن حبيب عن أنس وزاد في الخصلة الثانية ذكر البغض في الله ولفظه وان يحب في الله ويبغض في الله وقد تقدم للمصنف في ترجمته والحب في الله والبغض في الله من الايمان وكأنه أشار بذلك إلى هذه الرواية والله أعلم (قوله باب) هو منون ولما ذكر في الحديث السابق أنه لا يحبه الا الله عقبه بما يشير إليه من أن حب الأنصار كذلك لان محبة من يحبهم من حيث هذا الوصف وهو النصرة انما هو لله تعالى فهم وان دخلوا في عموم قوله لا يحبه الا لله لكن التنصيص بالتخصيص دليل العناية (قوله حدثنا أبو الوليد) هو الطيالسي (قوله جبر) بفتح الجيم وسكون الموحدة وهو ابن عتيك الأنصاري وهذا الراوي ممن وافق اسمه اسم أبيه (قوله آية الايمان) هو بهمزة ممدودة وياء تحتانية مفتوحة وهاء تأنيث والايمان مجرور بالإضافة هذا هو المعتمد في ضبط هذه الكلمة في جميع الروايات في الصحيحين والسنن والمستخرجات والمسانيد والآية العلامة كما ترجم به المصنف ووقع في اعراب الحديث لأبي البقاء العكبري انه الايمان بهمزة مكسورة ونون مشددة وهاء والايمان مرفوع وأعربه فقال إن للتأكيد والهاء ضمير الشأن والايمان مبتدأ وما بعده خبر ويكون التقدير ان الشأن الايمان حب الأنصار وهذا تصحيف منه ثم فيه نظر من جهة المعنى لأنه يقتضى حصر الايمان في حب الأنصار وليس كذلك فان قيل واللفظ المشهور أيضا يقتضى الحصر وكذا ما أورده المصنف في فضائل الأنصار من حديث البراء بن عازب الأنصار لا يحبهم الا مؤمن فالجواب عن الأول ان العلامة كالخاصة تطرد ولا تنعكس فان أخذ من طريق المفهوم فهو مفهوم لقب لا عبرة به سلمنا الحصر لكنه ليس حقيقيا بل ادعائيا للمبالغة أو هو حقيقي لكنه خاص بمن أبغضهم من حيث النصرة والجواب عن الثاني ان غايته ان لا يقع حب الأنصار الا لمؤمن وليس فيه نفى الايمان عمن لم يقع منه ذلك بل فيه ان غير المؤمن لا يحبهم فان قيل فعلى الشق الثاني هل يكون من أبغضهم منافقا وان صدق وأقر فالجواب ان ظاهر اللفظ يقتضيه لكنه غير مراد فيحمل على تقييد البغض بالجهة فمن أبغضهم من جهة هذه الصفة وهى كونهم نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم أثر ذلك في تصديقه فيصح انه منافق ويقرب هذا الحمل زيادة أبى نعيم في المستخرج في حديث البراء بن عازب من أحب الأنصار فبحبي أحبهم ومن أبغض الأنصار فببغضي أبغضهم ويأتي مثل هذا في الحب كما سبق وقد أخرج مسلم من حديث أبي سعيد رفعه لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر ولأحمد من حديثه حب الأنصار ايمان وبغضهم نفاق ويحتمل ان يقال إن اللفظ خرج على معنى التحذير فلا يراد ظاهره ومن ثم لم يقابل الايمان بالكفر الذي هو ضده بل قابله بالنفاق إشارة إلى أن الترغيب والترهيب انما خوطب به من يظهر الايمان اما من يظهر الكفر فلا لأنه مرتكب ما هو أشد من ذلك (قوله الأنصار) هو جمع ناصر كأصحاب المنكر أو جمع نصير كأشراف وشريف واللام فيه للعهد أي أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد الأوس والخزرج وكانوا قبل ذلك يعرفون بابنى قيلة بقاف مفتوحة وياء تحتانية ساكنة وهى الأم التي تجمع القبيلتين فسماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار فصار ذلك علما عليهم وأطلق أيضا على أولادهم وحلفائهم ومواليهم وخصوا بهذه المنقبة العظمى لما فازوا به دون غيرهم من القبائل من ايواء النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه والقيام بامرهم ومواساتهم بأنفسهم وأموالهم وايثارهم
(٥٩)