ويتزود معطوف على يتحنث وخديجة هي أم المؤمنين بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى يأتي أخبارها في مناقبها (قوله حتى جاءه الحق) أي الامر الحق وفى التفسير حتى فجئه الحق بكسر الجيم أي بغته وان ثبت من مرسل عبيد بن عمير انه أوحى إليه بذلك في المنام أو لا قبل اليقظة أمكن أن يكون مجئ الملك في اليقظة أعقب ما تقدم في المنام وسمى حقا لأنه وحى من الله تعالى وقد وقع في رواية أبى الأسود عن عروة عن عائشة قالت إن النبي صلى الله عليه وسلم كان أول شأنه يرى في المنام وكان أول ما رأى جبريل بأجياد صرخ جبريل يا محمد فنظر يمينا وشمالا فلم ير شيا فرفع بصره فإذا هو على أفق السماء فقال يا محمد جبريل جبريل فهرب فدخل في الناس فلم ير شيا ثم خرج عنهم فناداه فهرب ثم استعلن له جبريل من قبل حراء فذكر قصة اقرائه اقرأ باسم ربك ورأى حينئذ جبريل له جناحان من ياقوت يختطفان البصر وهذا من رواية بن لهيعة عن أبي الأسود وابن لهيعة ضعيف وقد ثبت في صحيح مسلم من وجه آخر عن عائشة مرفوعا لم أره يعنى جبريل على صورته التي خلق عليها الا مرتين وبين أحمد في حديث ابن مسعود ان الأولى كانت عند سؤاله إياه أن يريه صورته التي خلق عليها والثانية عند المعراج وللترمذي من طريق مسروق عن عائشة لم ير محمد جبريل في صورته الا مرتين مرة عند سدرة المنتهى ومرة في أجياد وهذا يقوى رواية ابن لهيعة وتكون هذه المرة غير المرتين المذكورتين وانما لم يضمها إليهما لاحتمال أن لا يكون رآه فيها على تمام صورته والعلم عند الله تعالى ووقع في السيرة التي جمعها سليمان التيمي فرواها محمد بن عبد الاعلى عن ولده معتمر بن سليمان عن أبيه ان جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم في حراء وأقرأه اقرأ باسم ربك ثم انصرف فبقى مترددا فأتاه من أمامه في صورته فرأى أمرا عظيما (قوله فجاءه) هذه الفاء تسمى التفسيرية وليست التعقيبية لان مجئ الملك ليس بعد مجئ الوحي حتى تعقب به بل هو نفسه ولا يلزم من هذا التقرير أن يكون من باب تفسير الشئ بنفسه بل التفسير عين المفسر به من جهة الاجمال وغيره من جهة التفصيل (قوله ما أنا بقارئ) ثلاثا ما نافية إذ لو كانت استفهامية لم يصلح دخول الباء وان حكى عن الأخفش جوازه فهو شاذ والباء زائدة لتأكيد النفي أي ما أحسن القراءة فلما قال ذلك ثلاثا قيل له اقرأ باسم ربك أي لا تقرؤه بقوتك ولا بمعرفتك لكن يحول ربك واعانته فهو يعلمك كما خلقك وكما نزع عنك علق الدم ومضمر الشيطان في الصغر وعلم أمتك حتى صارت تكتب بالقلم بعد أن كانت أمية ذكره السهيلي وقال غيره ان مثل هذا التركيب وهو قوله ما أنا بقارئ يفيد الاختصاص ورده الطيبى بأنه انما يفيد التقوية والتأكيد والتقدير لست بقارئ البتة فان قيل لم كرر ذلك ثلاثا أجاب أبو شامة بأن يحمل قوله أولا ما أنا بقارئ على الامتناع وثانيا عن الاخبار بالنفي المحض وثالثا على الاستفهام ويؤيده ان في رواية أبى الأسود في مغازيه عن عروة أنه قال كيف أقرأ وفى رواية عبيد بن عمير عند ابن إسحاق ماذا أقرأ وفى مرسل الزهري في دلائل البيهقي كيف اقرأ وكل ذلك يؤيد انها استفهامية والله أعلم (قوله فغطني) بغين معجمة وطاء مهملة وفى رواية الطبري بتاء مثناة من فوق كأنه أراد ضمني وعصرني والغط حبس النفس ومنه غطه في الماء أو أراد غمني ومنه الخنق ولأبي داود الطيالسي في مسنده بسند حسن فأخذ بحلقي (قوله حتى بلغ من الجهد) روى بالفتح والنصب أي بلغ الغط منى غاية وسعى وروى
(٢٢)