الزمخشري في أساس البلاغة ان الغلام هو الصغير إلى حد الالتحاء فان قيل له بعد الالتحاء غلام فهو مجاز (قوله إداوة) بكسر الهمزة اناء صغير من جلد (قوله من ماء) أي مملوءة من ماء (قوله يعنى يستنجى به) قائل يعنى هو هشام وقد رواه المصنف بعد هذا عن سليمان بن حرب فلم يذكرها لكنه رواه عقبة من طريق محمد بن جعفر عن شعبة فقال يستنجى بالماء والإسماعيلي من طريق ابن مرزوق عن شعبة فأنطلق أنا وغلام من الأنصار معنا إداوة فيها ماء يستنجى منها النبي صلى الله عليه وسلم وللمصنف من طريق روح بن القاسم عن عطاء بن أبي ميمونة إذا تبرز لحاجته أتيته بماء فيغسل به ولمسلم من طريق خالد الحذاء عن عطاء عن أنس فخرج علينا وقد استنجى بالماء وقد بان بهذه الروايات ان حكاية الاستنجاء من قول أنس راوي الحديث ففيه الرد على الأصيلي حيث تعقب على البخاري استدلاله بهذا الحديث على الاستنجاء بالماء قال لان قوله يستنجى به ليس هو من قول أنس انما هو من قول أبى الوليد أي أحد الرواة عن شعبة قال وقد رواه سلمان بن حرب عن شعبة فلم يذكرها قال فيحتمل ان يكون الماء لوضوئه انتهى وقد انتفى هذا الاحتمال بالروايات التي ذكرناها وكذا فيه الرد على من زعم أن قوله يستنجى بالماء مدرج من قول عطاء الراوي عن أنس فيكون مرسلا فلا حجة فيه كما حكاه ابن التين عن أبي عبد الملك البوني فان رواية خالد التي ذكرناها تدل على أنه قول أنس حيث قال فخرج علينا ووقع هنا في نكت البدر الزركشي تصحيف فإنه نسب التعقب المذكور إلى الإسماعيلي وانما هو للأصيلي وأقره فكأنه ارتضاه وليس بمرضى كما أوضحناه وكذا نسبه الكرماني إلى ابن بطال وأقره عليه وابن بطال انما أخذه عن الأصيلي (قوله باب من حمل معه الماء لطهوره) هو بالضم أي ليتطهر به (قوله وقال أبو الدرداء أليس فيكم) هذا الخطاب لعلقمة بن قيس والمراد بصاحب النعلين وما ذكر معهما عبد الله بن مسعود لأنه كان يتولى خدمة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وصاحب النعلين في الحقيقة هو النبي صلى الله عليه وسلم وقيل لابن مسعود صاحب النعلين مجازا لكونه كان يحملهما وسيأتى الحديث المذكور موصولا عند المصنف في المناقب إن شاء الله تعالى وايراد المصنف لحديث أنس مع هذا الطرف من حديث أبي الدرداء يشعر اشعارا قويا بان الغلام المذكور في حديث أنس هو ابن مسعود وقد قدمنا ان لفظ الغلام يطلق على غير الصغير مجازا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن مسعود بمكة وهو يرعى الغنم انك لغلام معلم وعلى هذا فقول أنس وغلام منا أي من الصحابة أو من خدم النبي صلى الله عليه وسلم وأما رواية الإسماعيلي التي فيها من الأنصار فلعلها من تصرف الراوي حيث رأى في الرواية منا فحملها على القبيلة فرواها بالمعنى فقال من الأنصار أو اطلاق الأنصار على جميع الصحابة سائغ وإن كان العرف خصه بالأوس والخزرج وروى أبو داود من حديث أبي هريرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى الخلاء أتيته بماء في ركوة فاستنجى فيحتمل ان يفسر به الغلام المذكور في حديث أنس ويؤيده ما رواه المصنف في ذكر الجن من حديث أبي هريرة انه كان يحمل مع النبي صلى الله عليه وسلم الإداوة لوضوئه وحاجته وأيضا فان في رواية أخرى لمسلم ان أنسا وصفه بالصغر في ذلك الحديث فيبعد لذلك أن يكون هو ابن مسعود والله أعلم ويكون المراد بقوله أصغرنا أي في الحال لقرب عهده بالاسلام وعند مسلم في حديث جابر الطويل الذي في آخر الكتاب ان النبي صلى الله عليه وسلم انطلق لحاجته فاتبعه جابر بإداوة فيحتمل ان
(٢٢٠)