تستلزم اثبات نبوة نبينا لان من قال إنه يأخذ عن قلبه لان الذي يقع فيه هو حكم الله وانه يعمل بمقتضاه من غير حاجة منه إلى كتاب ولا سنة فقد أثبت لنفسه خاصة النبوة كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم ان روح القدس نفث في روعي قال وقد بلغنا عن بعضهم أنه قال انا لا آخذ عن الموتى وانما آخذ عن الحي الذي لا يموت وكذا قال آخر أنا آخذ عن قلبي من ربى وكل ذلك كفر باتفاق أهل الشرائع ونسأل الله الهداية والتوفيق وقال غيره من استدل بقصة الخضر على أن الولي يجوز أن يطلع من خفايا الأمور على ما يخالف الشريعة ويجوز له فعله فقد ضل وليس ما تمسك به صحيحا فان الذي فعله الخضر ليس في شئ منه ما يناقض الشرع فان نقض لوح من ألواح السفينة لدفع الظالم عن غصبها ثم إذا تركها أعيد اللوح جائز شرعا وعقلا ولكن مبادرة موسى بالانكار بحسب الظاهر وقد وقع ذلك واضحا في رواية أبى اسحق التي أخرجها مسلم ولفظه فإذا جاء الذي يسخرها فوجدها منخرقة تجاوزها فأصلحها فيستفاد منه وجوب التأني عن الانكار في المتحملات واما قتله الغلام فلعله كان في تلك الشريعة وأما إقامة الجدار فمن باب مقابلة الإساءة بالاحسان والله أعلم (قوله فعمد) بفتح المهملة والميم وكذا قوله عمدت ونول بفتح النون أي أجرة (قوله فانطلقا) أي فخرجا من السفينة فانطلقا كما صرح به أيضا في التفسير (قوله قال الخضر بيده) هو من اطلاق القول على الفعل وسنذكر باقي مباحث هذا الحديث في كتاب التفسير إن شاء الله تعالى (قوله باب من سأل وهو قائم) جملة حالية عن الفاعل وقوله عالما مفعول وجالسا صفة له والمراد ان العالم الجالس إذا سأله شخص قائم لا يعد من باب من أحب أن يتمثل له الرجال قياما بل هذا جائز بشرط الامن من الاعجاب قاله ابن المنير (قوله حدثنا عثمان) هو ابن أبي شيبة وجرير هو ابن عبد الحميد ومنصور هو ابن المعتمر وأبو وائل هو شقيق وأبو موسى هو الأشعري وكلهم كوفيون (قوله قال وما رفع إليه رأسه) ظاهره ان القائل هو أبو موسى ويحتمل أن يكون من دونه فيكون مدرجا في أثناء الخبر (قوله من قاتل الخ) هو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم لأنه أجاب بلفظ جامع لمعنى السؤال مع الزيادة عليه وفى الحديث شاهد لحديث الأعمال بالنيات وأنه لا بأس بقيام طالب الحاجة عند أمن الكبر وأن الفضل الذي ورد في المجاهدين مختص بمن قاتل لاعلاء دين الله وفيه استحباب اقبال المسؤول على السائل وسيأتى بقية الكلام عليه في كتاب الجهاد إن شاء الله تعالى (قوله باب السؤال والفتيا عند رمى الجمار) مراده ان اشتغال العالم بالطاعة لا يمنع من سؤاله عن العلم ما لم يكن مستغرقا فيها وأن الكلام في الرمي وغيره من المناسك جائز وقد تقدم هذا الحديث في باب الفتيا على الدابة وأخر الكلام على المتن إلى الحج وعبد العزيز بن أبي سلمة هو ابن عبد الله نسب إلى جده أبى سلمة الماجشون بكسر الجيم وبشين معجمة وقد اعترض بعضهم على الترجمة بأنه ليس في الخبر ان المسئلة وقعت في حال الرمي بل فيه انه كان واقفا عندها فقط وأجيب بأن المصنف كثيرا ما يتمسك بالعموم فوقوع السؤال عند الجمرة أعم من أن يكون في حال اشتغاله بالرمي أو بعد الفراغ منه واستدل الإسماعيلي بالخبر على أن الترتيب قائم مع اللفظ أي بأي صيغة ورد ما لم يقم دليل على عدم ارادته والله أعلم وحاصله انه لو لم يفهموا أن ذلك هو الأصل لما احتاجوا إلى السؤال عن حكم تقديم الأول على الثاني إذا ورد الامر لشيئين معطوفا بالواو فيقال الأصل العمل بتقديم ما قدم وتأخير ما أخر حتى
(١٩٧)