مسلم هذا الحديث من رواية مالك فأبهم الشاك وقد يفسر هنا (قوله وقال خردل من خير) هو على الحكاية أيضا أي وقال وهيب في روايته مثقال حبة من خردل من خير فخالف مالكا أيضا في هذه الكلمة وقد ساق المؤلف حديث وهيب هذا في كتاب الرقاق عن موسى بن إسماعيل عن وهيب وسياقه أتم من سياق مالك لكنه قال من خردل من ايمان كرواية مالك فاعترض على المصنف بهذا ولا اعتراض عليه فان أبا بكر بن أبي شيبة أخرج هذا الحديث في مسنده عن عفان بن مسلم عن وهيب فقال من خردل من خير كما علقه المصنف فتبين انه مراده لا لفظ موسى وقد أخرجه مسلم عن أبي بكر هذا لكن لم يسق يسير ووجه مطابقة هذا الحديث للترجمة ظاهر وأراد بايراده الرد على المرجئة لما فيه من بيان ضرر المعاصي مع الايمان وعلى المعتزلة في أن المعاصي موجبة للخلود (قوله حدثنا محمد بن عبيد الله) هو أبو ثابت المدني وأبوه بالتصغير (قوله عن صالح) هو ابن كيسان تابعي جليل (قوله عن أبي أمامة بن سهل) هو ابن حنيف كما ثبت في رواية الأصيلي وأبو أمامة مختلف في صحبته ولم يصح له سماع وانما ذكر في الصحابة لشرف الرؤية ومن حيث الرواية يكون في الاسناد ثلاثة من التابعين أو تابعيان وصحابيان ورجاله كلهم مدنيون كالذي قبله والكلام على المتن يأتي في كتاب التعبير ومطابقته للترجمة ظاهرة من جهة تأويل القمص بالدين وقد ذكر أنهم متفاضلون في لبسها فدل على أنهم متفاضلون في الايمان (قوله بينا أنا نائم رأيت الناس) أصل بينا بين ثم أشبعت الفتحة وفيه استعمال بينا بدون إذا وبدون إذ وهو فصيح عند الأصمعي ومن تبعه وإن كان الأكثر على خلافه فان في هذا الحديث حجة وقوله الثدي بضم المثلثة وكسر الدال المهملة وتشديد الياء التحتانية جمع ثدي بفتح أوله واسكان ثانيه والتخفيف وهو مذكر عند معظم أهل اللغة وحكى أنه مؤنث والمشهور انه يطلق في الرجل والمرأة وقيل يختص بالمرأة وهذا الحديث يرده ولعل قائل هذا يدعى انه أطلق في الحديث مجازا والله أعلم (قوله باب) هو منون. ووجه كون الحياء من الايمان تقدم مع بقية مباحثه في باب أمور الايمان وفائدة اعادته هنا انه ذكر هناك بالتبعية وهنا بالقصد مع فائدة مغايرة الطريق (قوله حدثنا عبد الله بن يوسف) هو التنيسي نزيل دمشق ورجال الاسناد سواه من أهل المدينة (قوله أخبرنا) وللأصيلي حدثنا مالك ولكريمة ابن أنس والحديث في الموطأ (قوله عن أبيه) هو عبد الله بن عمر بن الخطاب (قوله مر على رجل) لمسلم من طريق معمر مر برجل ومر بمعنى اجتاز يعدى بعلى وبالباء ولم أعرف اسم هذين الرجلين الواعظ وأخيه وقوله يعظ أي ينصح أو يخوف أو يذكر كذا شرحوه والأولى أن يشرح بما جاء عند المصنف في الأدب من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة عن ابن شهاب ولفظه يعاتب أخاه في الحياء يقول انك لتستحيى حتى كأنه يقول قد أضربك انتهى ويحتمل أن يكون جمع له العتاب والوعظ فذكر بعض الرواة ما لم يذكره الآخر لكن المخرج متحد فالظاهر أنه من تصرف الراوي بحسب ما اعتقد أن كل لفظ منهما يقوم مقام الآخر وفى سببية فكأن الرجل كان كثير الحياء فكان ذلك يمنعه من استيفاء حقوقه فعاتبه أخوه على ذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم دعه أي اتركه على هذا الخلق السنى ثم زاده في ذلك ترغيبا لحكمه بأنه من الايمان وإذا كان الحياء يمنع صاحبه من استيفاء حق نفسه جر له ذلك تحصيل أجر ذلك الحق لا سيما إذا كان المتروك له مستحقا وقال
(٦٩)