بعض المالكية والحنابلة على ايجاب استيعابه بالغسل عملا بالحقيقة لكن الجمهور نظروا إلى المعنى فان الموجب لغسله انما هو خروج الخارج فلا تجب المجاوزة إلى غير محله ويؤيده ما عند الإسماعيلي في رواية فقال توضأ واغسله فأعاد الضمير على المذي ونظير هذا قوله من مس ذكره فليتوضأ فان النقض لا يتوقف على مس جميعه واختلف القائلون بوجوب غسل جميعه هل هو معقول المعنى أو للتعبد فعلى الثاني تجب النية فيه قال الطحاوي لم يكن الامر بغسله لوجوب غسله كله بل ليتقلص فيبطل خروجه كما في الضرع إذا غسل بالماء البارد يتفرق لبنه إلى داخل الضرع فينقطع خروجه واستدل به أيضا على نجاسة المذي وهو ظاهر وخرج ابن عقيل الحنبلي من قول بعضهم ان المذي من أجزاء المنى رواية بطهارته وتعقب بأنه لو كان منيا لوجب الغسل منه واستدل به على وجوب الوضوء على من به سلس المذي للامر بالوضوء مع الوصف بصيغة المبالغة الدالة على الكثرة وتعقبه ابن دقيق العيد بان الكثرة هنا ناشئة عن غلب الشهوة مع صحة الجسد بخلاف صاحب السلس فإنه ينشأ عن علة في الجسد ويمكن أن يقال أمر الفاء بالوضوء منه ولم يستفصل فدل على عموم الحكم واستدل به على قبول خبر الواحد وعلى جواز الاعتماد على الخبر المظنون مع القدرة على المقطوع وفيهما نظر لما قدمناه من أن السؤال كان بحضرة على ثم لو صح أن السؤال كان في غيبته لم يكن دليلا على المدعى لاحتمال وجود القرائن التي تحف الخبر فترقيه عن الظن إلى القطع قاله القاضي عياض وقال ابن دقيق العيد المراد بالاستدلال به على قبول خبر الواحد مع كونه خبر واحد أنه صورة من الصور التي تدل وهى كثيرة تقوم الحجة بجملتها لا بفرد معين منها وفيه جواز الاستنابة في الاستفتاء وقد يؤخذ منه جواز دعوى الوكيل بحضرة موكله وفيه ما كان الصحابة عليه من حرمة النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره وفيه استعمال الأدب في ترك المواجهة بما يستحيى منه عرفا وحسن المعاشرة مع الاصهار وترك ذكر ما يتعلق بجماع المرأة ونحوه بحضرة أقاربها وقد تقدم استدلال المصنف به في العلم لمن استحيا فامر غيره بالسؤال لان فيه جمعا بين المصلحتين استعمال الحياء وعدم التفريط في معرفة الحكم * (قوله باب من تطيب ثم اغتسل) تقدم الكلام على الحديث قبل بباب وموضع الاستدلال به أن قولها طاف في نسائه كناية عن الجماع ومن لازمه الاغتسال وقد ذكرت أنها طيبته قبل ذلك وأنه أصبح محرما ومن فوائده أيضا وقوع رد بعض الصحابة على بعض بالدليل واطلاع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم على ما لم يطلع عليه غيرهن من أفاضل الصحابة وخدمة الزوجات لأزواجهن والتطيب عند الاحرام وسيأتي في الحج وقال ابن بطال فيه أن السنة اتخاذ الطيب للرجال والنساء عند الجماع (قوله حدثنا الحكم) هو ابن عتيبة وهو وشيخه إبراهيم النخعي وشيخه الأسود بن يزيد فقهاء كوفيون تابعيون (قوله وبيص) بفتح الواو وكسر الموحدة بعدها ياء تحتانية ثم صاد مهملة هو البريق وقال الإسماعيلي وبيص الطيب تلألؤه وذلك لعين قائمة لا للريح فقط (قوله مفرق) بفتح الميم وكسر الراء ويجوز فتحها ودلالة هذا المتن على الترجمة اما لكونها قصة واحدة واما لان من سنن الاحرام الغسل عنده ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدعه وفيه أن بقاء الطيب على بدن المحرم لا يضر بخلاف ابتدائه بعد الاحرام * (قوله باب تخليل الشعر) أي في غسل الجنابة (قوله عبد الله) هو ابن المبارك (قوله إذا اغتسل) أي
(٣٢٧)