الحج وأبو قلابة تغير حفظه في آخر أمره فلعل هذا مما حدث به في التغير وهذا بالنسبة لرواية أبى جمرة وقد ورد ذكر الحج أيضا في مسند الإمام أحمد من رواية أبان العطار عن قتادة عن سعيد بن المسيب وعن عكرمة عن ابن عباس في قصة وفد عبد القيس وعلى تقدير أن يكون ذكر الحج فيه محفوظا فيجمع في الجواب عنه بين الجوابين المتقدمين فيقال المراد بالأربع ما عدا الشهادتين وأداء الخمس والله أعلم (قوله ونهاهم عن أربع عن الحنتم) إلى آخره في جواب قوله وسألوه عن الأشربة هو من اطلاق المحل وإرادة الحال أي ما في الحنتم ونحوه وصرح بالمراد في رواية النسائي من طريق قرة فقال وأنهاكم عن أربع ما ينتبذ في الحنتم الحديث والحنتم بفتح المهملة وسكون النون وفتح المثناة من فوق هي الجرة كذا فسرها ابن عمر في صحيح مسلم وله عن أبي هريرة الحنتم الجرار الخضر وروى الحربي في الغريب عن عطاء أنها جرار كانت تعمل من طين وشعر ودم والدباء بضم المهملة وتشديد الموحدة والمد هو القرع قال النووي والمراد اليابس منه وحكى القزاز فيه القصر والنقير بفتح النون وكسر القاف أصل النخلة ينقر فيتخذ منه وعاء والمزفت بالزاي والفاء ما طلى بالرفت والمقير بالقاف والياء الأخيرة ما طلى بالقار ويقال له القير وهو نبت يحرق إذا يبس تطلى به السفن وغيرها كما تطلى بالزفت قاله صاحب المحكم وفى مسند أبى داود الطيالسي عن أبي بكزة قال أما الدباء فان أهل الطائف كانوا يأخذون القرع فيخرطون فيه العنب ثم يدفنونه حتى يهدر ثم يموت وأما النقير فان أهل اليمامة كانوا ينقرون أصل النخلة ثم ينبذون الرطب والبسر ثم يدعونه حتى يهدر ثم يموت وأما الحنتم فجرار كانت تحمل إلينا فيها الخمر وأما المزفت فهذه الأوعية التي فيها الزفت انتهى واسناده حسن وتفسير الصحابي أولى ان يعتمد عليه من غيره لأنه اعلم بالمراد ومعنى النهى عن الانتباذ في هذه الأوعية بخصوصها لأنه يسرع فيها الاسكار فربما شرب منها من لا يشعر بذلك ثم ثبتت الرخصة في الانتباذ في كل وعاء مع النهى عن شرب كل مسكر كما سيأتي في كتاب الأشربة إن شاء الله تعالى (قوله وأخبروا بهن من وراءكم) بفتح من وهى موصولة ووراءكم يشمل من جاؤوا من عندهم وهذا باعتبار المكان ويشمل من يحدث لهم من الأولاد وغيرهم وهذا باعتبار الزمان فيحتمل أعمالها في المعنيين معا حقيقة ومجازا واستنبط منه المصنف الاعتماد على أخبار الآحاد على ما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى (قوله باب ما جاء) أي باب بيان ما ورد دالا على أن الأعمال الشرعية معتبرة بالنية والحسبة والمراد بالحسبة طلب الثواب ولم يأت بحديث لفظه الأعمال بالنية والحسبة وانما استدل بحديث عمر على أن الأعمال بالنية وبحديث أبى مسعود على أن الأعمال بالحسبة وقوله ولكل امرئ ما نوى هو بعض حديث الأعمال بالنية وانما أدخل قوله والحسبة بين الجملتين للإشارة إلى أن الثانية تفيد مالا تفيد الأولى (قوله فدخل فيه) هو من مقول المصنف وليس بقية مما ورد وقد أفصح ابن عساكر في روايته بذلك فقال قال أبو عبد الله يعنى المصنف والضمير في فيه يعود على الكلام المتقدم وتوجيه دخول النية في الايمان على طريقة المصنف ان الايمان عمل كما تقدم شرحه وأما الايمان بمعنى التصديق فلا يحتاج إلى نية كسائر أعمال القلوب من خشية الله وعظمته ومحبته والتقرب إليه لأنها متميزة لله تعالى فلا تحتاج لنية تميزها لأن النية انما تميز العمل لله عن العمل لغيره رياء وتميز مراتب الأعمال كالفرض
(١٢٥)