يذكره غيره ان ذلك لا يقدح في صدقه خلافا لمن أعل بذلك لان علقمة ذكر أن عمر خطب به على المنبر ثم لم يصح من جهة أحد عنه غير علقمة واستدل بمفهومه على أن ما ليس بعمل لا تشترط النية فيه * ومن أمثلة ذلك جمع التقديم فان الراجح من حيث النظر أنه لا يشترط له نية بخلاف ما رجحه كثير من الشافعية وخالفهم شيخنا شيخ الاسلام وقال الجمع ليس بعمل وانما العمل الصلاة ويقوى ذلك أنه عليه الصلاة والسلام جمع في غزوة تبوك ولم يذكر ذلك للمأمومين الذين معه ولو كان شرطا لأعلمهم به واستدل به على أن العمل إذا كان مضافا إلى سبب ويجمع متعدده جنس أن نية الجنس تكفى كمن أعتق عن كفارة ولم يعين كونها عن ظهار أو غيره لان معنى الحديث ان الأعمال بنياتها والعمل هنا القيام بالذي يخرج عن الكفارة اللازمة وهو غير محوج إلى تعيين سبب وعلى هذا لو كانت عليه كفارة وشك في سببها أجزأه اخراجها بغير تعيين وفيه زيادة النص على السبب لان الحديث سيق في قصة المهاجر لتزويج المرأة فذكر الدنيا مع القصة زيادة في التحذير والتنفير وقال شيخنا شيخ الاسلام فيه اطلاق العام وإن كان سببه خاصا فيستنبط منه الإشارة إلى أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وسيأتى ذكر كثير من فوائد هذا الحديث في كتاب الايمان حيث قال المصنف في الترجمة فدخل فيه العبادات والاحكام إن شاء الله تعالى وبالله التوفيق * (الحديث الثاني) * من أحاديث بدء الوحي (قوله حدثنا عبد الله بن يوسف) هو التنيسي كان نزل تنيس من عمل مصر وأصله دمشقي وهو من أتقن الناس في الموطأ كذا وصفه يحيى بن معين (قوله أم المؤمنين) هو مأخوذ من قوله تعالى و أزواجه أمهاتهم أي في الاحترام وتحريم نكاحهن لا في غير ذلك مما اختلف فيه على الراجح وانما قيل للواحدة منهن أم المؤمنين للتغليب والا فلا مانع من أن يقال لها أم المؤمنات على الراجح (قوله إن الحرث بن هشام) هو المخزومي أخو أبى جهل شقيقه أسلم يوم الفتح وكان من فضلاء الصحابة واستشهد في فتوح الشام (قوله سأل) هكذا رواه أكثر الرواة عن هشام بن عروة فيحتمل أن تكون عائشة حضرت ذلك وعلى هذا اعتمد أصحاب الأطراف فأخرجوه في مسند عائشة ويحتمل أن يكون الحرث أخبرها بذلك بعد فيكون من مرسل الصحابة وهو محكوم بوصله عند الجمهور وقد جاء ما يؤيد الثاني ففي مسند أحمد ومعجم البغوي وغيرهما من طريق عامر بن صالح الزبيري عن هشام عن أبيه عن عائشة عن الحرث بن هشام قال سألت وعامر فيه ضعف لكن وجدت له متابعا عند ابن منده والمشهور الأول (قوله كيف يأتيك الوحي) يحتمل أن يكون المسؤول عنه صفة الوحي نفسه ويحتمل أن يكون صفة حامله أو ما هو أعم من ذلك وعلى كل تقدير فاسناد الاتيان إلى الوحي مجاز لان الاتيان حقيقة من وصف حامله واعترض الإسماعيلي فقال هذا الحديث لا يصلح لهذه الترجمة وانما المناسب لكيف بدء الوحي الحديث الذي بعده وأما هذا فهو لكيفية اتيان الوحي لا لبدء الوحي اه قال الكرماني لعل المراد منه السؤال عن كيفية ابتداء الوحي أو عن كيفية ظهور الوحي فيوافق ترجمة الباب (قلت) سياقه يشعر بخلاف ذلك لاتيانه بصيغة المستقيل دون الماضي لكن يمكن أن يقال إن المناسبة تظهر من الجواب لان فيه إشارة إلى انحصار صفة الوحي أو صفة حامله في الامرين فيشمل حالة الابتداء وأيضا فلا أثر للتقديم والتأخير هنا ولو لم تظهر المناسبة فضلا عن انا قدمنا أنه أراد البداءة بالتحديث عن امامى
(١٧)