الآلات المذكورة ولم يغير شيئا من هيئته الا توسيعه (قوله ثم غيره عثمان) أي من الوجهين التوسيع وتغيير الآلات (قوله بالحجارة المنقوشة) أي بدل اللبن وللحموي والمستملى بحجارة منقوشة (قوله والقصة) بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة وهى الجص بلغة أهل الحجاز وقال الخطابي تشبه الجص وليست به (قوله وسقفه) بلفظ الماضي عطفا على جعل وباسكان القاف على عمده والساج نوع من الخشب معروف يؤتى به من الهند قال ابن بطال وغيره هذا يدل على أن السنة في بنيان المسجد القصد وترك الغلو في تحسينه فقد كان عمر مع كثرة الفتوح في أيامه وسعة المال عنده لم يغير المسجد عما كان عليه وانما احتاج إلى تجديده لان جريد النخل كان قد نخر في أيامه ثم كان عثمان والمال في زمانه أكثر فحسنه بما لا يقتضى الزخرفة ومع ذلك فقد أنكر بعض الصحابة عليه كما سيأتي بعد قليل وأول من زخرف المساجد الوليد بن عبد الملك بن مروان وذلك في أواخر عصر الصحابة وسكت كثير من أهل العلم عن انكار ذلك خوفا من الفتنة ورخص في ذلك بعضهم وهو قول أبي حنيفة إذا وقع ذلك على سبيل التعظيم للمساجد ولم يقع الصرف على ذلك من بيت المال وقال ابن المنير لما شيد الناس بيوتهم وزخرفوها ناسب ان يصنع ذلك بالمساجد صونا لها عن الاستهانة وتعقب بان المنع إن كان للحث على اتباع السلف في ترك الرفاهية فهو كما قال وإن كان لخشية شغل بال المصلى بالزخرفة فلا لبقاء العلة وفى حديث أنس علم من اعلام النبوة لاخباره صلى الله عليه وسلم بما سيقع فوقع كما قال * (قوله باب التعاون في بناء المسجد ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله) كذا في رواية أبي ذر وزاد غيره قبل قوله ما كان وقول الله عز وجل وفى آخره إلى قوله المهتدين وذكره لهذه الآية مصير منه إلى ترجيح أحد الاحتمالين من أحد الاحتمالين في الآية وذلك أن قوله تعالى مساجد الله يحتمل ان يراد بها مواضع السجود ويحتمل ان يراد بها الأماكن المتخذة لإقامة الصلاة وعلى الثاني يحتمل ان يراد بعمارتها بنيانها ويحتمل ان يراد بها الإقامة لذكر الله فيها (قوله حدثنا مسدد) هذا الاسناد كله بصرى لان ابن عباس أقام على البصرة أميرا مدة ومعه مولاه عكرمة (قوله انطلقا إلى أبي سعيد) أي الخدري (قوله فإذا هو) زاد المصنف في الجهاد فاتيناه وهو وأخوه في حائط لهما (قوله يصلحه) قال في الجهاد يسقيانه والحائط البستان وهذا الأخ زعم بعض الشراح انه قتادة بن النعمان وهو أخو أبي سعيد لامه ولا يصح ان يكون هو فان علي بن عبد الله بن عباس ولد في أواخر خلافة على ومات قتادة بن النعمان قبل ذلك في أواخر خلافة عمر بن الخطاب وليس لأبي سعيد أخ شقيق ولا أخ من أبيه ولا من أمه الا قتادة فيحتمل أن يكون المذكور أخاه من الرضاعة ولم أقف إلى الآن على اسمه وفى الحديث إشارة إلى أن العلم لا يحوى جميعه أحد لان ابن عباس مع سعة علمه أمر ابنه بالأخذ عن أبي سعيد فيحتمل أن يكون علم أن عنده ما ليس عنده ويحتمل أن يكون ارساله إليه لطلب علو الاسناد لان أبا سعيد أقدم صحبة وأكثر سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم من ابن عباس وفيه ما كان السلف عليه من التواضع وعدم التكبر وتعاهد أحوال المعاش بأنفسهم والاعتراف لأهل الفضل بفضلهم واكرام طلبة العلم وتقديم حوائجهم على حوائج أنفسهم (قوله فاخذ رداءه فاحتبى) فيه التأهب لالقاء العلم وترك التحديث في حالة المهنة اعظاما للحديث (قوله حتى أتى على ذكر بناء المسجد) أي النبوي وفى رواية كريمة حتى إذا
(٤٥٠)