بعض طرقه فقد رواه أبو خالد الأحمر عن عبيد الله بن عمر عن نافع بلفظ كان يصلى إلى بعيره انتهى فإن كان هذا حديثا آخر حصل المقصود وإن كان مختصرا من الأول كأن يكون المراد يصلى إلى مؤخرة رحل بعيره اتجه الاحتمال الأول ويؤيد الاحتمال الثاني ما أخرجه عبد الرزاق ان ابن عمر كان يكره ان يصلى إلى بعير الا وعليه رحل وسأذكره بعد وألحق الشجر بالرحل بطريق الأولوية ويحتمل أن يكون أشار بذلك إلى حديث على قال لقد رايتنا يوم بدر وما فينا انسان الأنام الا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يصلى إلى شجرة يدعو حتى أصبح رواه النسائي باسناد حسن (قوله يعرض) بتشديد الراء أي يجعلها عرضا (قوله قلت أفرأيت) ظاهره انه كلام نافع والمسؤول ابن عمر لكن بين الإسماعيلي من طريق عبيدة بن حميد عن عبيد الله بن عمر انه كلام عبيد الله والمسؤول نافع فعلى هذا هو مرسل لان فاعل يأخذ هو النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدركه نافع (قوله هبت الركاب) أي هاجت الإبل يقال هب الفحل إذا هاج وهب البعير في السير إذا نشط والركاب الإبل التي يسار عليها ولا واحد لها من لفظها والمعنى ان الإبل إذا هاجت شوشت على المصلى لعدم استقرارها فيعدل عنها إلى الرحل فيجعله سترة وقوله فيعدله بفتح أوله وسكون العين وكسر الدال أي يقيمه تلقاء وجهه ويجوز التشديد وقوله إلى آخرته بفتحات بلا مد ويجوز المد ومؤخرته بضم أوله ثم همزة ساكنة واما الخاء فجزم أبو عبيد بكسرها وجوز الفتح وأنكر ابن قتيبة الفتح وعكس ذلك ابن مكي فقال لا يقال مقدم ومؤخر بالكسر الا في العين خاصة واما في غيرها فيقال بالفتح فقط ورواه بعضهم بفتح الهمزة وتشديد الخاء والمراد بها العود الذي في آخر الرحل الذي يستند إليه الراكب قال القرطبي في هذا الحديث دليل على جواز التستر بما يستقر من الحيوان ولا يعارضه النهى عن الصلاة في معاطن الإبل لان المعاطن مواضع اقامتها عند الماء وكراهة الصلاة حينئذ عندها اما لشدة نتنها واما لانهم كانوا يتخيلون بينها مستترين بها انتهى وقال غيره علة النهى عن ذلك كون الإبل خلقت من الشياطين وقد تقدم ذلك فيحمل ما وقع منه في السفر من الصلاة إليها على حالة الضرورة ونظيره صلاته إلى السرير الذي عليه المرأة لكون البيت كان ضيقا وعلى هذا فقول الشافعي في البويطي لا يستتر بامرأة ولا دابة أي في حال الاختيار وروى عبد الرزاق عن ابن عيينة عن عبد الله بن دينار أن ابن عمر كان يكره ان يصلى إلى بعير الا وعليه رحل وكأن الحكمة في ذلك أنها في حال شد الرحل عليها أقرب إلى السكون من حال تجريدها * (تكملة) * اعتبر الفقهاء مؤخرة الرحل في مقدار أقل السترة واختلفوا في تقديرها بفعل ذلك فقيل ذراع وقيل ثلثا ذراع وهو أشهر لكن في مصنف عبد الرزاق عن نافع ان مؤخرة رحل ابن عمر كانت قدر ذراع * (قوله باب الصلاة إلى السرير) أورد فيه حديث الأسود عن عائشة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسط السرير الذي هي مضطجعة عليه واعترضه الإسماعيلي بأنه دال على الصلاة على السرير لا إلى السرير ثم أشار إلى أن رواية مسروق عن عائشة دالة على المراد لان لفظه كان يصلى والسرير بينه وبين القبلة كما سيأتي فكان ينبغي له ذكرها في هذا الباب وأجاب الكرماني عن أصل الاعتراض بان حروف الجر تتناوب فمعنى قوله في الترجمة إلى السرير أي على السرير وادعى قبل ذلك أنه وقع في بعض الروايات بلفظ على السرير (قلت) ولا حاجة إلى الحمل المذكور فان قولها فيتوسط السرير
(٤٧٩)