وهذا بالدفن اشعارا بالتفرقة بين المتعمد بلا حاجة وهو الذي أثبت عليه الخطيئة وبين من غلبته النخامة وهو الذي أذن له في الدفن أو ما يقوم مقامه (قوله فإنما يناجى) وللكشميهني فإنه (قوله ما دام في مصلاه) يقتضى تخصيص المنع بما إذا كان في الصلاة لكن التعليل المتقدم بأذى المسلم يقتضى المنع في جدار المسجد مطلقا ولو لم يكن في صلاة فيجمع بان يقال كونه في الصلاة أشد اثما مطلقا وكونه في جدار القبلة أشد اثما من كونه في غيرها من جدر المسجد فهي مراتب متفاوتة مع الاشتراك في المنع (قوله فان عن يمينه ملكا) تقدم أن ظاهره اختصاصه بحالة الصلاة فان قلنا المراد بالملك الكاتب فقد استشكل اختصاصه بالمنع مع أن عن يساره ملكا آخر وأجيب باحتمال اختصاص ذلك بملك اليمن تشريفا له وتكريما هكذا قاله جماعة من القدماء ولا يخفى ما فيه وأجاب بعض المتأخرين بأن الصلاة أم الحسنات البدنية فلا دخل لكاتب السيئات فيها ويشهد له ما رواه ابن أبي شيبة من حديث حذيفة موقوفا في هذا الحديث قال ولا عن يمينه فان عن يمينه كاتب الحسنات وفى الطبراني من حديث أبي أمامة في هذا الحديث فإنه يقوم بين يدي الله وملكه عن يمينه وقرينه عن يساره اه فالتفل حينئذ انما يقع على القرين وهو الشيطان ولعل ملك اليسار حينئذ يكون بحيث لا يصيبه شئ من ذلك أو انه يتحول في الصلاة إلى اليمين والله أعلم (قوله فيدفنها) قال ابن أبي جمرة لم يقل يغطيها لان التغطية يستمر الضرر بها إذ لا يامن أن يجلس غيره عليها فتؤذيه بخلاف الدفن فإنه يفهم منه التعميق في باطن الأرض وقال النووي في الرياض المراد بدفنها ما إذا كان المسجد ترابيا أو رمليا فاما إذا كان مبلطا مثلا فدلكها علليه بشئ مثلا فليس ذلك بدفن بل زيادة في التقذير (قلت) لكن إذا لم يبق لها أثر البتة فلا مانع وعليه يحمل قوله في حديث عبد الله بن الشخير المتقدم ثم دلكه بنعله وكذا قوله في حديث طارق عند أبي داود وبزق تحت رجله ودلك * (فائدة) * قال القفال في فتاويه هذا الحديث محمول على ما يخرج من الفم أو ينزل من الرأس أما ما يخرج من الصدر فهو نجس فلا يدفن في المسجد اه هذا على اختياره لكن يظهر التفصيل فيما إذا كان طرفا من قئ وكذا إذا خالط البزاق دم والله أعلم * (قوله باب إذا بدره البزاق) أنكر السروجي قوله بدره وقال المعروف في اللغة بدرت إليه وبادرته وأجيب بأنه يستعمل في المغالبة فيقال بادرت كذا فبدرني أي سبقني واستشكل آخرون التقييد في الترجمة بالمبادرة مع أنه لا ذكر لها في الحديث الذي ساقه وكأنه أشار إلى ما في بعض طرق الحديث المذكور وهو ما رواه مسلم من حديث جابر بلفظ وليبصق عن يساره وتحت رجله اليسرى فان عجلت به بادرة فليقل بثوبه هكذا ثم طوى بعضه على بعض ولابن أبى شيبة وأبى داود من حديث أبي سعيد نحوه وفسره في رواية أبى داود بان يتفل في ثوبه ثم يرد بعضه على بعض والحديثان صحيحان لكنهما ليسا على شرط البخاري فأشار إليهما بان حمل الأحاديث التي لا تفصيل فيها على ما فصل فيهما والله أعلم وقد تقدم الكلام على حديث أنس قبل خمسة أبواب وقوله هنا ورؤى منه بضم الراء بعدها واو مهموزة أي من النبي صلى الله عليه وسلم وكراهيته بالرفع أي ذلك الفعل وقوله أو رؤى شك من الراوي وقوله وشدته بالرفع عطفا على كراهيته ويجوز الجر عطفا على قوله لذلك وفى الأحاديث المذكورة من الفوائد غير ما تقدم الندب إلى
(٤٢٩)