طريق سعيد تدل على أن قوله صلى الله عليه وسلم لحسان أجب عنى كان في المسجد وأنه أنشد فيه ما أجاب به المشركين وقال غيره يحتمل أن البخاري أراد أن الشعر المشتمل على الحق حق بدليل دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لحسان على شعره وإذا كان حقا جاز في المسجد كسائر الكلام الحق ولا يمنع منه كما يمنع من غيره من الكلام الخبيث واللغو الساقط (قلت) والأول أليق بتصرف البخاري وبذلك جزم المازري وقال انما اختصر البخاري القصة لاشتهارها ولكونه ذكرها في موضع آخر انتهى وأما ما رواه ابن خزيمة في صحيحه والترمذي وحسنه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تناشد الاشعار في المساجد واسناده صحيح إلى عمرو فمن يصحح نسخته يصححه وفى المعنى عدة أحاديث لكن في أسانيدها مقال فالجمع بينها وبين حديث الباب أن يحمل النهى على تناشد أشعار الجاهلية والمبطلين والمأذون فيه ما سلم من ذلك وقيل المنهى عنه ما إذا كان التناشد غالبا على المسجد حتى يتشاغل به من فيه وأبعد أبو عبد الملك البوني فأعمل أحاديث النهى وادعى النسخ في حديث الاذن لم يوافق على ذلك حكاه ابن التين عنه وذكر أيضا أنه طرد هذه الدعوى فيما سيأتي من دخول أصحاب الحراب المسجد وكذا دخول المشرك * (قوله باب أصحاب الحراب في المسجد) الحراب بكسر المهملة جمع حربة والمراد جواز دخولهم فيه ونصال حرابهم مشهورة وأظن المصنف أشار إلى تخصيص الحديث السابق في النهى عن المرور في المسجد بالنصل غير مغمود والفرق بينهما أن التحفظ في هذه الصورة وهى صورة اللعب بالحراب سهل بخلاف مجرد المرور فإنه قد يقع بغتة فلا يتحفظ منه (قوله في الاسناد عن صالح) هو ابن كيسان (قوله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما في باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد) فيه جواز ذلك في المسجد وحكى ابن التين عن أبي الحسن اللخمي أن اللعب بالحراب في المسجد منسوخ بالقرآن والسنة أما القرآن فقوله تعالى في بيوت أذن الله أن ترفع وأما السنة فحديث جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وتعقب بان الحديث ضعيف وليس فيه ولا في الآية تصريح بما ادعاه ولا عرف التاريخ فيثبت النسخ وحكى بعض المالكية عن مالك أن لعبهم كان خارج المسجد وكانت عائشة في المسجد وهذا لا يثبت عن مالك فإنه خلاف ما صرح به في طرق هذا الحديث وفى بعضها أن عمر أنكر عليهم لعبهم في المسجد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم دعهم واللعب بالحراب ليس لعبا مجردا بل فيه تدريب الشجعان على مواقع الحروب والاستعداد للعدو وقال المهلب المسجد موضوع لأمن جماعة المسلمين فما كان من الأعمال يجمع منفعة الدين وأهله جاز فيه وفى الحديث جواز النظر إلى اللهو المباح وفيه حسن خلقه صلى الله عليه وسلم مع أهله وكرم معاشرته وفضل عائشة وعظيم محلها عنده وسيأتي بقية الكلام على فوائده في كتاب العيدين إن شاء الله تعالى (قوله في باب حجرتي) عند الأصيلي وكريمة على باب حجرتي (قوله يسترني بردائه) يدل على أن ذلك كان بعد نزول الحجاب ويدل على جواز نظر المرأة إلى الرجل وأجاب بعض من منع بان عائشة كانت إذ ذاك صغيرة وفيه نظر لما ذكرنا وادعى بعضهم النسخ بحديث أفعميا وان أنتما وهو حديث مختلف في صحته وسيأتي للمسئلة مزيد بسط في موضعه إن شاء الله تعالى (قوله وزاد إبراهيم بن المنذر) يريد أن إبراهيم رواه من رواية يونس وهو ابن يزيد عن
(٤٥٧)