هذا التعليل مردود ولو فتح هذا الباب لم يوثق برواية مدلس أصلا ولو صرح بالسماع والعمل على خلافه ورواية معاذ لا دليل فيها على أن حميدا لم يسمعه من أنس لأنه لا مانع ان يسمعه من أنس ثم يستثبت فيه من ميمون لعلمه بأنه كان السائل عن ذلك فكان حقيقا بضبطه فكان حميد تارة يحدث به عن أنس فلأجل العلو وتارة عن ميمون لكونه ثبته فيه وقد جرت عادة حميد بهذا يقول حدثني أنس وثبتني فيه ثابت وكذا وقع لغير حميد * (قوله باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام والمشرق) نقل عياض ان رواية الأكثر ضم قاف المشرق فيكون معطوفا على باب ويحتاج إلى تقدير محذوف والذي في روايتنا بالخفض ووجه السهيلي رواية الضم بان الحامل على ذلك كون حكم المشرق في القبلة مخالفا لحكم المدينة بخلاف الشام فإنه موافق وأجاب ابن رشيد بان المراد بيان حكم القبلة من حيث هو سواء توافقت البلاد أم اختلفت (قوله ليس في المشرق ولا في المغرب قبلة) هذه جملة مستأنفة من تفقه المصنف وقد نوزع في ذلك لأنه يحمل الامر في قوله شرقوا أو غربوا على عمومه وانما هو مخصوص بالمخاطبين وهم أهل المدينة ويلحق بهم من كان على مثل سمتهم ممن إذا استقبل المشرق أو المغرب لم يستقبل القبلة ولم يستدبرها اما من كان في المشرق فقبلته في جهة المغرب وكذلك عكسه وهذا معقول لا يخفى مثله على البخاري فيتعين تأويل كلامه بان يكون مراده ليس في المشرق ولا في المغرب قبلة أي لأهل المدينة والشام ولعل هذا هو السر في تخصيصه المدينة والشام بالذكر وقال ابن بطال لم يذكر البخاري مغرب الأرض اكتفاء بذكر المشرق إذ العلة مشتركة ولان المشرق أكثر الأرض المعمورة ولان بلاد الاسلام في جهة مغرب الشمس قليلة انتهى (قوله وعن الزهري) يعنى بالاسناد المذكور والمراد ان سفيان حدث به عليا مرتين مرة صرح بتحديث الزهري له وفيه عنعنة عطاء ومرة أتى بالعنعنة عن الزهري وبتصريح عطاء بالسماع وادعى بعضهم ان الرواية الثانية معلقة وليس كذلك على ما قررته وقال الكرماني قال في الأول عن أبي أيوب ان النبي صلى الله عليه وسلم وفى الثاني سمعت أبا أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم فكان الثاني أقوى لان السماع أقوى من العنعنة والعنعنة أقوى من أن لكن فيه ضعف من جهة التعليق حيث قال وعن الزهري انتهى وفى دعواه ضعف أن بالنسبة إلى عن نظر فكانه قلد في ذلك نقل ابن الصلاح عن أحمد ويعقوب بن شيبة وقد بين شيخنا في شرحه منظومته وهم ابن الصلاح في ذلك وان حكمهما واحد الا انه يستثنى من التعبير بان ما إذا أضاف إليها قصة ما أدركها الراوي وأما جزمه بكون السند الثاني معلقا فهو بحسب الظاهر والا فحمله على ما قلته ممكن وقد رويناها في مسند إسحاق بن راهويه قال حدثنا سفيان فذكر مثل سياقها سواء فعلى هذا فلا ضعف فيه أصلا والله أعلم وقد تقدمت فوائد المتن في أوائل كتاب الطهارة * (قوله باب قوله تعالى واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) وقع في روايتنا واتخذوا بكسر الخاء على الامر وهى إحدى القراءتين والاخرى بالفتح على الخبر والامر دال على الوجوب لكن انعقد الاجماع على جواز الصلاة إلى جميع جهات الكعبة فدل على عدم التخصيص وهذا بناء على أن المراد بمقام إبراهيم الحجر الذي فيه أثر قدمه وهو موجود إلى الآن وقال مجاهد المراد بمقام إبراهيم الحرم كله والأول أصح وقد ثبت دليله عند مسلم من حديث جابر وسيأتى
(٤١٨)