من حافظ فيقيد بها المطلق غنم شاهد من حديث أبي هريرة عند الحاكم ومن حديث أم مالك البهزية عند الترمذي ويؤيده ما ورد من النهى عن سكنى البوادي والسياحة والعزلة وسيأتى مزيد لذلك في كتاب الفتن (قوله يوشك) بكسر الشين المعجمة أي يقرب (قوله خير) بالنصب على الخبر وغنم الاسم وللأصيلي برفع خير ونصب عنهما على الخبرية ويجوز رفعهما على الابتداء والخبر ويقدر في يكون ضمير الشأن قاله ابن مالك لكن لم تجئ به الرواية (قوله يتبع) بتشديد التاء ويجوز اسكانها وشعف بفتح المعجمة والعين المهملة جمع شعفة كأكم وأكمة وهى رؤس الجبال (قوله ومواقع القطر) بالنصب عطفا على شعف أي بطون الأودية وخصهما بالذكر لأنهما مظان المرعى (قوله يفرد بدينه) أي بسبب دينه ومن ابتدائية قال الشيخ النووي في الاستدلال بهذا الحديث للترجمة نظر لأنه لا يلزم من لفظ الحديث عد الفرار دينا وانما هو صيانة للدين قال فلعله لما رآه صيانة للدين أطلق عليه اسم الدين وقال غيره ان أريد بمن كونها جنسية أو تبعيضية فالنظر متجه وان أريد كونها ابتدائية أي الفرار من الفتنة منشؤه الدين فلا يتجه النظر وهذا الحديث قد ساقه المصنف أيضا في كتاب الفتن وهو أليق المواضع به والكلام عليه يستوفى هناك إن شاء الله تعالى (قوله باب قول النبي صلى الله عليه وسلم) هو مضاف بلا تردد (قوله أنا أعلمكم) كذا في رواية أبي ذر وهو لفظ الحديث الذي أورده في جميع طرقه وفى رواية الأصيلي أعرفكم وكأنه مذكور بالمعنى حملا على ترادفها هنا وهو ظاهر هنا وعليه عمل المصنف (قوله وان المعرفة) بفتح أن والتقدير باب بيان ان المعرفة وورد بكسرها وتوجيهه ظاهر وقال الكرماني هو خلاف الرواية والدراية (قوله لقوله تعالى) مراده الاستدلال بهذه الآية على أن الايمان بالقول وحده لا يتم الا بانضمام الاعتقاد إليه والاعتقاد فعل القلب وقوله بما كسبت قلوبكم أي بما استقر فيها والآية وان وردت في الايمان بالفتح فالاستدلال بها في الايمان بالكسر واضح للاشتراك في المعنى إذ مدار الحقيقة فيهما على عمل القلب وكأن المصنف لمح بتفسير زيد بن أسلم فإنه قال في قوله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم قال هو كقول الرجل ان فعلت كذا فأنا كافر قال لا يؤاخذه الله بذلك حتى يعقد به قلبه فظهرت المناسبة بين الآية والحديث وظهر وجه دخولهما في مباحث الايمان فان فيه دليلا على بطلان قول الكرامية ان الايمان قول فقط ودليلا على زيادة الايمان ونقصانه لان قوله صلى الله عليه وسلم أنا أعلمكم بالله ظاهر في أن العلم بالله درجات وأن بعض الناس فيه أفضل من بعض وأن النبي صلى الله عليه وسلم منه في أعلى الدرجات والعلم بالله يتناول ما بصفاته وما بأحكامه وما يتعلق بذلك فهذا هو الايمان حقا * (فائدة) * قال امام الحرمين أجمع العلماء على وجوب معرفة الله تعالى واختلفوا في أول واجب فقيل المعرفة وقيل النظر وقال المقترح لا اختلاف فان أول واجب خطابا ومقصودا المعرفة وأول واجب اشتغالا وأداء القصد إلى النظر وفى نقل الاجماع نظر كبير ومنازعة طويلة حتى نقل جماعة الاجماع في نقيضه واستدلوا باطباق أهل العصر الأول على قبول الاسلام ممن دخل فيه من غير تنقيب والآثار في ذلك كثيرة جدا وأجاب الأولون عن ذلك بأن الكفار كانوا يذبون عن دينهم ويقاتلون عليه فرجوعهم عنه دليل على ظهور الحق لهم ومقتضى هذا ان المعرفة المذكورة يكتفى فيها بأدنى نظر بخلاف ما قرروه ومع ذلك فقول الله تعالى فأقم وجهك
(٦٦)