مسعود (قوله مثل صلصلة الجرس) في رواية مسلم في مثل صلصلة الجرس والصلصلة بمهملتين مفتوحتين بينهما لام ساكنة في الأصل صوت وقوع الحديد بعضه على بعض ثم أطلق على كل صوت له طنين وقيل هو صوت متدارك لا يدرك في أول وهلة والجرس الجلجل الذي يعلق في رؤس الدواب واشتقاقه من الجرس باسكان الراء وهو الحس وقال الكرماني الجرس ناقوس صغير أو سطل في داخله قطعة نحاس يعلق منكوسا على البعير فإذا تحرك تحركت النحاسة فأصابت السطل فحصلت الصلصلة اه وهو تطويل للتعريف بما لا طائل تحته وقوله قطعة نحاس معترض لا يختص به وكذا البعير وكذا قوله منكوسا لان تعليقه على تلك الصورة هو وضعه المستقيم له فان قيل المحمود لا يشبه بالمذموم إذ حقيقة التشبيه الحاق ناقص بكامل والمشبه الوحي وهو محمود والمشبه به صوت الجرس وهو مذموم لصحة النهى عنه والتنفير من مرافقة ما هو معلق فيه والاعلام بأنه لا تصحبهم الملائكة كما أخرجه مسلم وأبو داود وغيرهما فكيف يشبه ما فعله الملك بأمر ينفر من الملائكة والجواب أنه لا يلزم في التشبيه تساوى المشبه بالمشبه به في الصفات كلها بل ولا في أخص وصف له بل يكفي اشتراكهما في صفة ما فالمقصود هنا بيان الجنس فذكر ما ألفت السامعون سماعه تقريبا لأفهامهم والحاصل أن الصوت له جهتان جهة قوة وجهة طنين فمن حيث القوة وقع التشبيه به ومن حيث الطرب وقع التنفير عنه وعلل بكونه مزمار الشيطان ويحتمل أن يكون النهى عنه وقع بعد السؤال المذكور وفيه نظر قيل والصلصلة المذكورة صوت الملك بالوحي قال الخطابي يريد أنه صوت متدارك يسمعه ولا يتبينه أول ما يسمعه حتى يفهمه بعد وقيل بل هو صوت حفيف أجنحة الملك والحكمة في تقدمه أن يقرع سمعه الوحي فلا يبقى فيه مكان لغيره ولما كان الجرس لا يحصل صلصلة الا متداركه وقع التشبيه به دون غيره من الآلات وسيأتى كلام ابن بطال في هذا المقام في الكلام على حديث ابن عباس إذا قضى الله الامر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها الحديث عند تفسير قوله حتى إذا فزع عن قلوبهم في تفسير سورة سبا إن شاء الله تعالى (قوله وهو أشده على) يفهم منه أن الوحي كله شديد ولكن هذه الصفة أشدها وهو واضح لان الفهم من كلام مثل الصلصلة أشكل من الفهم من كلام الرجل بالتخاطب المعهود والحكمة فيه ان العادة جرت بالمناسبة بين القائل والسامع وهى هنا اما باتصاف السامع بوصف القائل بغلبة الروحانية وهو النوع الأول وأما باتصاف القائل بوصف السامع وهو البشرية وهو النوع الثاني والأول أشد بلا شك وقال شيخنا شيخ الاسلام البلقيني سبب ذلك أن الكلام العظيم له مقدمات تؤذن بتعظيمه للاهتمام به كما سيأتي في حديث ابن عباس كان يعالج من التنزيل شدة قال وقال بعضهم وانما كان شديدا عليه ليستجمع قلبه فيكون أوعى لما سمع اه وقيل إنه انما كان ينزل هكذا إذا نزلت آية وعيد أو تهديد وهذا فيه نظر والظاهر أنه لا يختص بالقرآن كما سيأتي بيانه في حديث يعلى بن أمية في قصة لابس الجبة المتضمخ بالطيب في الحج فان فيه أنه رآه صلى الله عليه وسلم حال نزول الوحي عليه وانه ليغط وفائدة هذه الشدة ما يترتب على المشقة من زيادة الزلفى والدرجات (قوله فيفصم) بفتح أوله وسكون الفاء وكسر المهملة أي يقلع ويتجلى ما يغشاني ويروى بضم أوله من الرباعي وفى رواية لأبي ذر بضم أوله وفتح الصاد على البناء للمجهول وأصل الفصم القطع ومنه
(١٩)