وأولى منه لأنه متحقق فيه لكن في الرفع خير مرجو لاستلزامه مزيد الثواب لكونه سببا لزيادة الاجتهاد في التماسها وانما حصل ذلك ببركة الرسول صلى الله عليه وسلم (قوله في السبع والتسع) كذا في معظم الروايات بتقديم السبع التي أولها السين على التسع ففيه إشارة إلى أن رجاءها في السبع أقوى للاهتمام بتقديمه ووقع عند أبي نعيم في المستخرج بتقديم التسع على ترتيب التدلي واختلف في المراد بالتسع وغيرها فقيل لتسع يمضين من العشر وقيل لتسع يبقين من الشهر وسنذكر بسط هذا في محله حيث ذكره المصنف في كتاب الاعتكاف إن شاء الله تعالى (قوله باب سؤال جبريل عن الايمان والاسلام الخ) تقدم ان المصنف يرى أن الايمان والاسلام عبارة عن معنى واحد فلما كان ظاهر سؤال جبريل عن الايمان والاسلام وجوابه يقتضى تغايرهما وان الايمان تصديق بأمور مخصوصة والاسلام اظهار اعمال مخصوصة أراد ان يرد ذلك بالتأويل إلى طريقته (قوله وبيان) أي مع بيان ان الاعتقاد والعمل دين وقوله وما بين أي مع ما بين للوفد أن الايمان هو الاسلام حيث فسره في قصتهم بما فسر به الاسلام هنا وقوله وقول الله أي مع ما دلت عليه الآية ان الاسلام هو الدين ودل عليه خبر أبي سفيان ان الايمان هو الدين فاقتضى ذلك ان الاسلام والايمان أمر واحد هذا محصل كلامه وقد نقل أبو عوانة الأسفرايني في صحيحه عن المزنى صاحب الشافعي الجزم بأنهما عبارة عن معنى واحد وانه سمع ذلك منه وعن الإمام أحمد الجزم بتغايرهما ولكل من القولين أدلة متعارضة وقال الخطابي صنف في المسئلة امامان كبيران وأكثرا من الأدلة للقولين وتباينا في ذلك والحق ان بينهما عموما وخصوصا فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا انتهى كلامه ملخصا ومقتضاه ان الاسلام لا يطلق على الاعتقاد والعمل معا بخلاف الايمان فإنه يطلق عليهما معا ويرد عليه قوله تعالى ورضيت لكم الاسلام دينا فان الاسلام هنا يتناول العمل والاعتقاد معا لان العامل غير المعتقد ليس بذى دين مرضى وبهذا استدل المزنى وأبو محمد البغوي فقال في الكلام على حديث جبريل هذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم الاسلام هنا اسما لما ظهر من الأعمال والايمان اسما لما بطن من الاعتقاد وليس ذاك لان الأعمال ليست من الايمان ولا لان التصديق ليس من الاسلام بل ذاك تفصيل لجملة كلها شئ واحد وجماعها الدين ولهذا قال صلى الله عليه وسلم أتاكم يعلمكم دينكم وقال سبحانه وتعالى ورضيت لكم الاسلام دينا وقال ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه ولا يكون الدين في محل الرضا والقبول الا بانضمام التصديق انتهى كلامه والذي يظهر من مجموع الأدلة ان لكل منهما حقيقة شرعية كما أن لكل منهما حقيقة لغوية لكن كل منهما مستلزم للآخر بمعنى التكميل له فكما ان العامل لا يكون مسلما كاملا الا إذا اعتقد فكذلك المعتقد لا يكون مؤمنا كاملا الا إذا عمل وحيث يطلق الايمان في موضع الاسلام أو العكس أو يطلق أحدهما على ارادتهما معا فهو على سبيل المجاز ويتبين المراد بالسياق فان وردا معا في مقام السؤال حملا على الحقيقة وان لم يردا معا أو لم يكن في مقام سؤال أمكن الحمل على الحقيقة أو المجاز بحسب ما يظهر من القرائن وقد حكى ذلك الإسماعيلي عن أهل السنة والجماعة قالوا إنهما تختلف دلالتهما بالاقتران فان أفرد أحدهما دخل الآخر فيه وعلى ذلك يحمل ما حكاه محمد بن نصر وتبعه ابن عبد البر عن الأكثر انهم سووا بينهما على ما في حديث
(١٠٥)