ولذلك أنكرت أم سلمة ذلك لكن الجواب يدل على انها انما أنكرت وجود المنى من أصله ولهذا أنكر عليها (قوله تربت يمينك) أي افتقرت وصارت على التراب وهى من الألفاظ التي تطلق عند الزجر ولا يراد بها ظاهرها (قوله فبم) بموحدة مكسورة وسيأتي الكلام على مباحثه في كتاب الطهارة إن شاء الله تعالى (قوله حدثنا إسماعيل) هو ابن أبي أويس وقد تقدم الكلام على حديث ابن عمر هذا في أوائل كتاب العلم وأورده هنا لقول ابن عمر فاستحييت ولتأسف عمر على كونه لم يقل لك لتظهر فضيلته فاستلزم حياء ابن عمر تفويت ذلك وكان يمكنه إذا استحيا اجلالا لمن هو أكبر منه أن يذكر ذلك لغيره سرا ليخبر به عنه فجمع بين المصلحتين ولهذا عقبه المصنف بباب من استحيا فأمر غيره بالسؤال وأورد فيه حديث علي بن أبي طالب قال كنت رجلا مذاء وهو بتثقيل الذال المعجمة والمد أي كثير المذي وهو باسكان المعجمة الماء الذي يخرج من الرجل عند الملاعبة وسيأتى الكلام عليه في الطهارة أيضا واستدل به بعضهم على جواز الاعتماد على الخبر المظنون مع القدرة على المقطوع وهو خطا ففي النسائي ان السؤال وقع وعلى حاضر (قوله باب ذكر العلم) أي القاء العلم والفتيا في المسجد وأشار بهذه الترجمة إلى الرد على من توقف فيه لما يقع في المباحثة من رفع الأصوات فنبه على الجواز (قوله إن رجلا قام في المسجد) لم أقف على اسم هذا الرجل والمراد بالمسجد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ويستفاد منه ان السؤال عن مواقيت الحج كان قبل السفر من المدينة وقرن باسكان الراء وغلط من فتحها وقول ابن عمر ويزعمون إلى آخره يفسر بمن روى الحديث تاما كابن عباس وغيره وفيه دليل على اطلاق الزعم على القول المحقق لان ابن عمر سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه لم يفهمه لقوله لم أفقه هذه أي الجملة الأخيرة فصار يرويها عن غيره وهو دال على شدة تحريه وورعه وسيأتى الكلام على فوائده في الحج إن شاء الله تعالى (قوله باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله) قال ابن المنير موقع هذه الترجمة التنبيه على أن مطابقة الجواب للسؤال غير لازم بل إذا كان السبب خاصا والجواب عاما جاز وحمل الحكم على عموم اللفظ لا على خصوص السبب لأنه جواب وزيادة فائدة ويؤخذ منه أيضا ان المفتى إذا سئل عن واقعة واحتمل عنده أن يكون السائل يتذرع بجوابه إلى أن يعديه إلى غير محل السؤال تعين عليه أن يفصل الجواب ولهذا قال فإن لم يجد نعلين فكأنه سأل عن حالة الاختيار فاجابه عنها وزاده حالة الاضطرار وليست أجنبية عن السؤال لان حالة السفر تقتضى ذلك وأما ما وقع في كلام كثير من الأصوليين ان الجواب يجب أن يكون مطابقا للسؤال فليس المراد بالمطابقة عدم الزيادة بل المراد ان الجواب يكون مفيدا للحكم المسؤول عنه قاله ابن دقيق العيد وفى الحديث أيضا العدول عما لا ينحصر إلى ما ينحصر طلبا للايجاز لان السائل سأل عما يلبس فأجيب بما لا يلبس إذ الأصل الإباحة ولو عدد له ما يلبس لطال به بل كان لا يؤمن أن يتمسك بعض السامعين بمفهومه فيظن اختصاصه بالمحرم وأيضا فالمقصود ما يحرم لبسه لا ما يحل له لبسه لأنه لا يجب له لباس مخصوص بل عليه ان يجتنب شيئا مخصوصا (قوله وابن أبي ذئب) هو بالضم عطفا على قول آدم حدثنا ابن أبي ذئب والمراد ان آدم سمعه من ابن أبي ذئب باسنادين وفى رواية غير أبي ذر وعن الزهري بالعطف على نافع ولم يعد
(٢٠٣)