داود (قوله وبين الجدار) أي جدار المسجد مما يلي القبلة وصرح بذلك من طريق أبى غسان عن أبي حازم في الاعتصام (قوله ممر الشاة) بالرفع وكان تامة أو ممر اسم كان بتقدير قدر أو نحوه والظرف الخبر وأعربه الكرماني بالنصب على أن ممر خبر كان واسمها نحو قدر المسافة قال والسياق يدل عليه (قوله عن سلمة) يعنى ابن الأكوع وهذا ثاني ثلاثيات البخاري (قوله كان جدار المسجد) كذا وقع في رواية مكي ورواه الإسماعيلي من طريق أبى عاصم عن يزيد بلفظ كان المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بينه وبين حائط القبلة الا قدر ما تمر العنزة فتبين بهذا السياق ان الحديث مرفوع (قوله تجوزها) ولبعضهم ان تجوزها أي المسافة وهى ما بين المنبر والجدار فان قيل من أين يطابق الترجمة أجاب الكرماني فقال من حيث إنه صلى الله عليه وسلم كان يقوم بجنب المنبر أي ولم يكن لمسجده محراب فتكون مسافة ما بينه وبين الجدار نظير ما بين المنبر والجدار فكأنه قال والذي ينبغي أن يكون بين المصلى وسترته قدر ما كان بين منبره صلى الله عليه وسلم وجدار القبلة وأوضح من ذلك ما ذكره ابن رشيد ان البخاري أشار بهذه الترجمة إلى حديث سهل بن سعد الذي تقدم في باب الصلاة على المنبر والخشب فان فيه انه صلى الله عليه وسلم قام على المنبر حين عمل فصلى عليه فاقتضى ذلك ان ذكر المنبر يؤخذ منه موضع قيام المصلى (فان قيل) ان في ذلك الحديث انه لم يسجد على المنبر وانما نزل فسجد في أصله وبين أصل المنبر وبين الجدار أكثر من ممر الشاة أجيب بان أكثر أجزاء الصلاة قد حصل في أعلى المنبر وانما نزل عن المنبر لان الدرجة لم تتسع لقدر سجوده فحصل به المقصود وأيضا فإنه لما سجد في أصل المنبر صارت الدرجة التي فوقه سترة له وهو قدر ما تقدم قال ابن بطال هذا أقل ما يكون بين المصلى وسترته يعنى قدر ممر الشاة وقيل أقل ذلك ثلاثة أذرع لحديث بلال أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة وبينه وبين الجدار ثلاثة أذرع كما سيأتي قريبا بعد خمسة أبواب وجمع الداودي بان أقله ممر الشاة وأكثره ثلاثة أذرع وجمع بعضهم بان الأول في حال القيام والقعود والثاني في حال الركوع والسجود وقال ابن الصلاح قدروا ممر الشاة بثلاثة أذرع (قلت) ولا يخفى ما فيه وقال البغوي استحب أهل العلم الدنو من السترة بحيث يكون بينه وبينها قدر امكان السجود وكذلك بين الصفوف وقد ورد الامر بالدنو منها وفيه بيان الحكمة في ذلك وهو ما رواه أبو داود وغيره من حديث سهل بن أبي حثمة مرفوعا إذ صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته * (قوله باب الصلاة إلى الحربة) ساق فيه حديث ابن عمر مختصرا وقد تقدم قبل بباب وقوله تركز أي تغرز في الأرض * (قوله باب الصلاة إلى العنزة) ساق فيه حديث أبي جحيفة عن آدم من شعبة عن عون وقد تقدم الكلام عليه أيضا واعترض عليه في هذه الترجمة بان فيها تكرارا فان العنزة هي الحربة لكن قد قيل إن الحربة انما يقال لها عنزة إذا كانت قصيرة ففي ذلك جهة مغايرة (قوله والمرأة والحمار يمرون من ورائها) كذا ورد بصيغة الجمع فكأنه أراد الجنس ويؤيده رواية والناس والدواب يمرون كما تقدم أو فيه حذف تقديره وغيرهما أو المراد الحمار براكبه وقد تقدم بلفظ يمر بين يديه المرأة والحمار فالظاهر أن الذي وقع هنا من تصرف الرواة وقال ابن التين الصواب يمران إذ في يمرون اطلاق صيغة الجمع على الاثنين وقال ابن مالك أعاد ضمير الذكور العقلاء
(٤٧٥)