وكان صلى الله عليه وسلم سيد الورعين وأتقى الناس لله وأعلمهم به وقد اكتفى بالصاع فأشار جابر إلى أن الزيادة على ما اكتفى به تنطع قد يكون مثارة الوسوسة فلا يلتفت إليه (قوله ثلاث اكف) وفى رواية كريمة ثلاثة أكف وهى جمع كف والكف تذكر وتؤنث والمراد انه يأخذ في كل مرة كفين ويدل على ذلك رواية إسحاق بن راهويه من طريق الحسن بن صالح عن جعفر بن محمد عن أبيه قال في آخر الحديث وبسط يديه ويؤيده حديث جبير بن مطعم الذي في أول الباب والكف اسم جنس فيحمل على الاثنين ويحتمل أن تكون هذه الغرفات الثلاث للتكرار ويحتمل ان يكون لكل جهة من الرأس غرفة كما سيأتي في حديث القاسم بن محمد عن عائشة قريبا * (قوله باب الغسل مرة واحدة (قال ابن بطال يستفاد ذلك من قوله ثم أفاض على جسده لأنه لم يقيد بعدد فيحمل على أقل ما يسمى وهو المرة الواحدة لان الأصل عدم الزيادة عليها (قوله حدثنا عبد الواحد) هو ابن زياد وباقي الاسناد والمتن تقدم في باب الوضوء قبل الغسل (قوله في هذه الرواية (فغسل يده) وللكشميهني يديه (مرتين أو ثلاثا) الشك من الأعمش كما سيأتي من رواية أبى عوانة عنه وغفل الكرماني فقال الشك من ميمونة (قوله مذاكيره) هو جمع ذكر على غير قياس وقيل واحده مذكار وكأنهم فرقوا بين العضو وبين خلاف الأنثى قال الأخفش هو من الجمع الذي لا واحد له وقيل واحده مذكار وقال ابن خروف انما جمعه مع أنه ليس في الجسد الا واحد بالنظر إلى ما يتصل به وأطلق على الكل اسمه فكأنه جعل كل جزء من المجموع كالذكر في حكم الغسل * (قوله باب من بدأ بالحلاب أو الطيب عند الغسل) مطابقة هذه الترجمة لحديث الباب أشكل أمرها قديما وحديثا على جماعة من الأئمة فمنهم من نسب البخاري فيها إلى الوهم ومنهم من ضبط لفظ الحلاب على غير المعروف في الرواية لتتجه المطابقة ومنهم من تكلف لها توجيها من غير تغيير فأما الطائفة الأولى فأولهم الإسماعيلي فإنه قال في مستخرجه رحم الله أبا عبد الله يعنى البخاري من ذا الذي يسلم من الغلط سبق إلى قلبه ان الحلاب طيب وأي معنى للطيب عند الاغتسال قبل الغسل وانما الحلاب اناء وهو ما يحلب فيه يسمى حلابا ومحلبا قال وفى تأمل طرق هذا الحديث بيان ذلك حيث جاء فيه كان يغتسل من حلاب انتهى وهى رواية ابن خزيمة وابن حبان أيضا وقال الخطابي في شرح أبى داود الحلاب اناء يسع قدر حلب ناقة قال وقد ذكره البخاري وتأوله على استعمال الطيب في الطهور وأحسبه توهم أنه أريد به المحلب الذي يستعمل في غسل الأيدي وليس الحلاب من الطيب في شئ وانما هو ما فسرت لك قال وقال الشاعر صاح هل ريت أو سمعت براع * رد في الضرع ما فرى في الحلاب وتبع الخطابي ابن قرقول في المطالع وابن الجوزي وجماعة وأما الطائفة الثانية فأولهم الأزهري قال في التهذيب الحلاب في هذا الحديث ضبطه جماعة بالمهملة واللام الخفيفة أي ما يحلب فيه كالمحلب فصحفوه وانما هو الجلاب بضم الجيم وتشديد اللام وهو ماء الورد فارسي معرب وقد أنكر جماعة على الأزهري هذا من جهة ان المعروف في الرواية بالمهملة والتخفيف ومن جهة المعنى أيضا قال ابن الأثير لان الطيب لأن يستعمل بعد الغسل أليق منه قبله وأولى لأنه إذا بدأ به ثم اغتسل أذهبه الماء وقال الحميدي في الكلام على غريب الصحيحين ضم مسلم هذا الحديث مع حديث الفرق وحديث قدر الصاع في موضع واحد فكأنه تأولها على الاناء وأما البخاري
(٣١٧)