داود باسناد صحيح عن جابر مثله وفى الباب عن عائشة وأم سلمة وابن عباس وابن عمر وغيرهم وهذا إذا لم تدع الحاجة إلى الزيادة وهو أيضا في حق من يكون خلقه معتدلا والى هذا أشار المصنف في أول كتاب الوضوء بقول وكره أهل العلم الاسراف فيه وأن يجاوزوا فعل النبي صلى الله عليه وسلم (قوله باب المسح على الخفين) نقل ابن المنذر عن ابن المبارك قال ليس في المسح على الخفين عن الصحابة اختلاف لان كل من روى عنه منهم انكاره فقد روى عنه اثباته وقال ابن عبد البر لا أعلم روى عن أحد من فقهاء السلف انكاره الا عن مالك مع أن الروايات الصحيحة عنه مصرحة باثباته وقد أشار الشافعي في الام إلى انكار ذلك على المالكية والمعروف المستقر عندهم الآن قولان الجواز مطلقا ثانيهما للمسافر دون المقيم وهذا الثاني مقتضى ما في المدونة وبه جزم ابن الحاجب وصحح الباجي الأول ونقله عن ابن وهب وعن ابن نافع في المبسوطة نحوه وان مالكا انما كان يتوقف فيه في خاصة نفسه مع افتائه بالجواز وهذا مثل ما صح عن أبي أيوب الصحابي وقال ابن المنذر اختلف العلماء أيهما أفضل المسح على الخفين أو نزعهما وغسل القدمين قال والذي أختاره أن المسح أفضل لأجل من طعن فيه من أهل البدع من الخوارج والروافض قال واحياء ما طعن فيه المخالفون من السنن أفضل من تركه اه وقال الشيخ محيي الدين صرح جمع من الأصحاب بأن الغسل أفضل بشرط أن لا يترك المسح رغبة عن السنة كما قالوه في تفضيل القصر على الاتمام وقد صرح جمع من الحفاظ بأن المسح على الخفين متواتر وجمع بعضهم رواته فجاوزوا الثمانين ومنهم العشرة وفى ابن أبي شيبة وغيره عن الحسن البصري حدثني سبعون من الصحابة بالمسح على الخفين (قوله حدثنا أصبغ) بفتح الهمزة وكأن البخاري أجاز الرواية عنه لهذا الحديث لقوله المسح عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أكابر أصحابه في الحضر أثبت عندنا وأقوى من أن نتبع مالكا على خلافه وعمرو هو ابن الحرث وهو ومن دونه ثلاثة مصريون والذين فوقه ثلاثة مدنيون وفى الاسناد رواية تابعي عن تابعي أبو النضر عن أبي سلمة وصحابي عن صحابي (قوله وان عبد الله) هو معطوف على قوله عن عبد الله بن عمر فهو موصول إذا حملناه على أن أبا سلمة سمع ذلك من عبد الله والا فأبو سلمة لم يدرك القصة وقد أخرجه أحمد من طريق أخرى عن أبي النضر عن أبي سلمة عن ابن عمر قال رأيت سعد بن أبي وقاص يمسح على خفيه بالعراق حين توضأ فأنكرت ذلك عليه فلما اجتمعنا عند عمر قال لي سعد سل أباك فذكر القصة ورواه ابن خزيمة من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر نحوه وفيه أن عمر قال كنا ونحن مع نبينا نمسح على خفافنا لا نرى بذلك بأسا (قوله فلا تسأل عنه غيره) أي لقوة الوثوق بنقله ففيه دليل على أن الصفات الموجبة للترجيح إذا اجتمعت في الراوي كانت من جملة القرائن التي إذا حفت خبر الواحد قامت مقام الاشخاص المتعددة وقد يفيد العلم عند البعض دون البعض وعلى أن عمر كان يقبل خبر الواحد وما نقل عنه من التوقف انما كان عند وقوع ريبة له في بعض المواضع واحتج به من قال بتفاوت رتب العدالة ودخول الترجيح في ذلك عند التعارض ويمكن ابداء الفارق في ذلك بين الرواية والشهادة وفيه تعظيم عظيم من عمر لسعد وفيه ان الصحابي القديم الصحبة قد يخفى عليه من الأمور الجليلة في الشرع ما يطلع عليه غيره لان ابن عمر أنكر المسح على الخفين مع قديم صحبته وكثرة روايته وقد روى قصته مالك في الموطأ عن نافع وعبد الله بن دينار أنهما أخبراه ان ابن عمر قدم الكوفة
(٢٦٤)