إلى آخر ما أفاد.
يا - إنه من المعلوم بالسيرة القاطعة أن القادم كان يجلس مجلس القضاء بعيد ما يدخل البلد، فيأتيه الشهود، فيجيز شهادتهم إذا يخبره معلوم العدل بعدالتهم، أو يعلم ذلك بالقرائن، مع معلومية أنه لا يمكن حصول العلم بالملكة له في تلك المدة القليلة اليسيرة، ولا يتيسر له استيناس ومجالسة معهم، فلو لا أن المبنى لهم هو حسن الظاهر، لما كان لذلك وجه، وللزم تعطل عظيم في الشريعة.
ومن هنا قال شيخنا البهبهاني - أعلى الله مقامه - في شرح المفاتيح - على ما حكي عنه - ما لفظه:
حصول الملكة بالنسبة إلى كل المعاصي - بمعنى صعوبة الصدور لا استحالته - ربما يكون نادرا بالنسبة إلى نادر من الناس إن فرض تحققه، و يعلم أن العدالة مما تعم به البلوى وتكثر إليه الحاجات في العبادات و المعاملات والإيقاعات، فلو كان الأمر كما يقولون، لزم الحرج واختل النظام، مع أن القطع حاصل بأنه في زمان الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) ما كان الأمر على هذا النهج، بل من تتبع الأخبار الكثيرة يحصل له القطع بأن الأمر لم يكن كما ذكروه في الشاهد ولا في إمام الجماعة.
ويؤيده ما ورد (1) في أن إمام الصلاة إذا أحدث أو حدث له حدث ومانع آخر، أخذ بيد آخر وأقامه مقامه.
انتهى.
وربما أورد عليه بأنه لا نعني بالملكة إلا الصفة النفسانية الحاصلة من خشية الله، التي يكون ترك جميع المعاصي مستندا إليها، لا لعدم الابتلاء بها أو دواع نفسانية كترك الخمر لإضراره؛ ولتلك الصفة مراتب آخرها العصمة، فأولها معتبر هناك؛ وطريان ما ينافيها واضمحلالها به - بل وزوالها - لا ينافي حصولها.