افتراء، بل الإنسان من نفسه لا يعرف كثيرا من ذلك.
ومن العجب تنزيل صحيحة ابن أبي يعفور على الاطمئنان في حصول الملكة في جميع المعاصي بواسطة اجتناب المذكور فيها منها التي هي بالنسبة إليه في جنب العدم، وكيف يعرف الشخص ببعض أحواله؟! مع أنا نرى بالعيان تفاوت الناس أجمع في ذلك، فكم من شخص تراه في غاية الورع متى قهر بشيء، أخذ يحتال ويرتكب ما لا يرتكبه غيره من المحرمات في قهر من قهره، كما نرى ذلك كثيرا من أهل الأنفة والأنفس الآبية.
وآخر متى أصابه ذل - ولو حقيرا - ارتكب من الأمور العظيمة التي تستنفر بها نفسه ما لا يفعله أعظم الفساق، بل أغلب الناس كذلك وإن كانت أحوالهم فيه مختلفة، فمنهم بالنسبة إلى ماله، ومنهم بالنسبة إلى عرضه، و منهم بالنسبة إلى أتباعه وأصحابه، فدعوى أنه بمجرد الخلطة على جملة من أحواله يحصل الجزم والاطمئنان بأنه في سائر المعاصي - ظاهرها و باطنها، ما عرض له مقتضاه وما لم يعرض - له ملكة يعسر عليه مخالفتها مقطوع بفسادها. (1) إلى آخر ما أفاد، فأجاد.
ولله دره ثم لله دره، ولعمر الله لو أجلت بصيرتك النقادة في المتسمين بأهل العلم والفقه، تجد أكثرهم لا يتحفظ عن أمثال ما مر، بل يرتكبه فضلا عن حصول ملكة تركها له، فضلا عن الجهال وآحاد الناس، كيف لا؟ وقد بلغ في الاشتهار مبلغ إشراق الشمس على رابعة النهار تشاجر بعض من يتسمى بأهل الفقه والعلم في إمامة الجمعة والأعياد، لصرف وجوه الناس إليهم واكتساب الوظائف الزائدة من الأمراء ورجوع عامة الناس إليهم، والإصرار بالتفرد في إقامة الصلاة بالمسجد الكبير حتى آل الأمر إلى التزامهم لهذه الأمور، [و] ارتكاب منافيات المروة، بل وارتكاب الصغائر، بل و