فيما بيني وبين ربي - تقدس ذكره، وتعالت قدرته - وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول، وإليها المرجع " (1) فيكون مراده بالصحة؛ بمعنى المعتمد والمعول [عليه] - كما [هو] مذهب القدماء - فلذا فسره بالمعول [عليه].
فالصدوق عليه الرحمة لا يدعي قطعية الصدور أصلا، بل قال: بأن ما أفتى به مأخوذ من كتب مشهورة، واشتهار الكتب لا يقتضي كونها قطعية.
مضافا إلى أنه - رحمه الله - في مقام الفتوى بمضمونها، فهي ليست حجة على غيره.
على أن الإخبار بصحة ما في الفقيه لا يستلزم حصول علمه - رحمه الله - بقطعية صدور أخباره.
على أن كون الشيء قطعيا - لو سلمنا - عند شخص لا يستلزم أن يكون قطعيا عند آخرين، والشاهد على ذلك: عدم إيراد الشيخ في الكتابين (2) جميع ما في الفقيه والكافي وكذا عدم إيراد الصدوق جميع ما في الكافي شاهد على أن ما قطع به ثقة الإسلام غير ملازم لحصول القطع بالصدور لمن تأخر، ولو كان ذلك الآخر مثل الصدوق، مع قرب عهده إليه، ونهاية جلالته ووثاقته، وشدة بذل جهده وصرف همته - في مدة عشرين سنة - لتأليف كتابه الكافي.
فلو كان علم صاحب الكافي كافيا في حصوله للصدوق للزم عليه إيراد ما هو المنتخب [منه] واعتبار ما جمع فيه؛ في الفقيه فتأليفه كتابا آخر مخالفا لما ألفه دليل على أنه لم يرض بجميع ما جمعه فيه.
ثم الشيخ - مع غاية قربه منهما - لم يعتمد عليهما، كما ذكرنا عدم اكتفاء الصدوق بما ذكره في الكافي حرفا بحرف.
ومع ذلك كله نقول: إن الصدوق - مع أنه صرح في ديباجة كتابه [بقوله]: قصدت [إلى] إيراد ما أفتي به، وأحكم بصحته، وأعتقد فيه أنه حجة فيما بيني وبين ربي - قد