جميع أحاديثنا، لعدم العلم بعدالة أحد منهم إلا نادرا، ففي [إحداث] هذا الاصطلاح غفلة من جهات متعددة - كما ترى -.
وكذلك كون الراوي ضعيفا في الحديث لا يستلزم الفسق، بل يجتمع مع العدالة، فإن العدل الكثير السهو ضعيف في الحديث، والثقة والضعف غاية ما يمكن معرفته من أحوال الرواة.
[و] من هنا يظهر فساد خيال من ظن أن آية (إن جاءكم فاسق بنبإ) تشعر بصحة الاصطلاح الجديد، مضافا إلى كون دلالتها بالمفهوم الضعيف المختلف فيه.
ويبقى خبر مجهول الفسق، فإن أجابوا بأصالة العدالة؛ أجبنا: بأنه خلاف مذهبهم، ولم يذهب إليه منهم إلا القليل.
ومع ذلك يلزمهم الحكم بعدالة المجهولين والمهملين، وهم لا يقولون به، ويبقى اشتراط العدالة بغير فائدة.
الخامس عشر: أنه لو لم يجز لنا قبول شهادتهم في صحة أحاديث كتبهم، وثبوتها، ونقلها من الأصول الصحيحة، والكتب المعتمدة، وقيام القرائن على ثبوتها؛ لما جاز لنا قبول شهادتهم في مدح الرواة وتوثيقهم، فلا يبقى حديث صحيح، ولا حسن، ولا موثق، بل يبقى جميع أحاديث كتب الشيعة ضعيفة، واللازم باطل فكذا الملزوم، والملازمة ظاهرة، وكذا بطلان اللازم.
بل الإخبار بالعدالة أعظم وأشكل وأولى بالاهتمام من الإخبار بنقل الحديث من الكتب المعتمدة، فإن ذلك أمر محسوس ظاهر، والعدالة عندهم أمر خفي، عقلي، يتعسر الاطلاع عليه، وهذا إلزام لا مفر لهم عنه عند الإنصاف.
السادس عشر: أن هذا الاصطلاح مستحدث في زمان العلامة، أو شيخه أحمد بن طاوس - كما هو معلوم - وهم معترفون به، وهو اجتهاد وظن منهما، فيرد عليه جميع ما مر في أحاديث الاستنباط والظن في كتاب القضاء (1) وغيره.