وجمع من المتأخرين (1)، وهو الأقوى، وتدل عليه وجوه:
الأول: قوله تعالى: " إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع " (2)، ووجه الدلالة: أنه علق الأمر بالسعي إلى الذكر المخصوص، وهو الجمعة أو الخطبة اتفاقا بالنداء للصلاة وهو الأذان لها، وليس النداء شرطا اتفاقا، والأمر للوجوب كما تقرر في موضعه، فيجب السعي لها حينئذ، ووجوبه يقتضي وجوبها، ولا ريب أن الأمر بالسعي إنما هو حال اجتماع الشرائط من العدد والخطبتين وغيرهما.
فإن قيل: المدعى هو شرعية الجمعة حال الغيبة، والآية إنما تدل عليها في الجملة فلا يثبت المدعى.
قلنا: لا ريب أن المراد بالأمر هنا التكرار وإن لم يكن مستفادا من لفظ الأمر فإنه لا يدل بنفسه على وحدة ولا تكرار، إذ هو مستفاد بدليل من خارج، للاجماع على أنه لا يكفي للامتثال في الجمعة فعلها مرة أو مرات بل دائما، وذلك يتناول زمان الغيبة.
فإن قيل: المدعى جواز فعل الجمعة زمان الغيبة، والذي دل عليه دليلكم هو الوجوب مطلقا المقتضي لوجوبهما حينئذ.