اعتبرت دلالتها لزم القول بالوجوب، ولأن الجمعة لم تشرع إلا واجبة عينا، فمتى ساغ فعلها لزم وجوبها كذلك.
هذا أقصى ما يقال في توجيهه، وضعف هذا الاستدلال أظهر من أن يحتاج إلى البيان، فإن الدلائل الدالة على الجواز دالة على الوجوب في الجملة لا على الوجوب عينا، ونحن نقول بموجبه، وكون الجمعة لم تشرع إلا واجبة عينا ليس أمرا زائد على محل النزاع فالمطالبة بالبيان بحالها.
فإن قيل: المتبادر من الوجوب هو العيني لا التخييري.
قلنا: إن أريد كونه لا يستعمل فيه حقيقة فمعلوم بطلانه، وإذا أريد كون العيني أكثر في الاستعمال فمسلم، لكن ذلك لا يمنع من الحمل عليه، على أنا نحمله على الوجوب في الجملة أعم من كل منهما، وهو الموضوع الحقيقي وحينئذ فيتم المراد، لا سيما وقد أجمعنا على امتناع إرادة العيني، للاجماع على نفيه حال الغيبة، وصحيحة زرارة (1) وموثقة عبد الملك (2) تنبهان على ذلك.
واعلم أن من الأصحاب من بنى القولين في المسألة على أن الإمام هل هو شرط الصحة أو شرط الوجوب؟ فإن أصل الاشتراط لا خلاف فيه، فإن كان شرط الصحة امتنع فعل الجمعة حال الغيبة كما يقول ابن إدريس (3) والجماعة (4)، وإن شرط الوجوب لم يمتنع، إذ اللازم انتفاؤه حينئذ هو الوجوب خاصة، وأول من أشار إلى هذا البناء شيخنا الشهيد في الذكرى، فإنه قال - بعد حكاية القول بالمنع عن ابن إدريس والجماعة -: وهو القول الثاني من القولين، بناءا على أن إذن