عدوهم سواء بعدت المسافة أو قصرت وسواء كانت الفئة قليلة أو كثيرة عملا بالعموم. فروع، الأول: لو غلب على ظنه الهلاك لم يجز الفرار لقوله تعالى إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار وقيل يجوز لقوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة والأول أقوى لقوله تعالى إذا لقيتم الذين فئة فاثبتوا. الثاني: لو غلب على ظنه الأسر فالأولى ان يقاتل حتى يقتل ولا يسلم نفسه للأسر فيفوز بثواب الله تعالى ودرجة الشهادة ويسلم من حكم الكفار عليه بالتعذيب والاستخدام والفتنة. الثالث: لو زاد المشركون على الضعف من المسلمين لم يجب الثبات اجماعا ولو غلب على ظن المسلمين الظفر استحب لهم الثبات لما فيه من المصلحة ولا يجب لأنهم لا يؤمنون العطب ولان الحكم الجواز الفرار علق على مظنته وهو كون المسلمين أقل من نصف العدو ولهذا لزمهم الثبات إذا كانوا أكثر من النصف ولو غلب على ظنهم الهلاك فيه. الرابع: لو زاد المشركون على النصف وغلب على الظن العطب قيل لا يجب الانصراف إذا آمنوا معه لقوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وقيل لا يجب لان لهم غرضا في الشهادة وهو حسن وكذا القول فيمن قصده رجل فغلب على ظنه انه ان ثبت له قبله فعليه الهرب ولو غلب على ظنهم الهلاك في الانصراف والثبات فالأولى لهم الثبات لينالوا الشهادة وهم مقبلون على القتال صابرون عليه ولا يكونون من المولين و لجواز ان يغلبوا لقوله تعالى كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين وهل يجب فيه اشكال. الخامس: لو انفرد اثنان بواحد من المسلمين لم يجب الثبات لان الثبات للضعف انما يجب إذا تعذر المسلمون فيقوى كل واحد منهم لصاحبه اما مع انفراد المسلم فقد يزداد ضعفا فلهذا لم يجب وقيل يجب وعليه دلت رواية حسن بن صالح عن الصادق عليه السلام قد مرت. السادس: لو قدم العدو إلى بلد جاز لأهله التحصن منهم وان كانوا أكثر من النصف ليلحقهم المدد والنجدة ولا يكون ذلك فرارا ولا توليا لان الفرار انما يكون بعد اللقاء وكذا التولي ولو لقوهم خارج الحصن جاز لهم التحصن إلى الحصن للاستثناء في الآية ولو غزو فذهب دوابهم فليس عدوا لجواز الفرار لان القتال ممكن للرجال ولو تخيروا إلى الحيل ليقاتلوا فيه وهم رجاله جاز لأنه تحرف لقتال ولو تلف سلاحهم والتجأوا إلى مكان يمكنهم القتال فيه بالحجارة والتستر بالصخرة ونحوها جاز ولو ولوا (ح) لا بينة القتال بالحجارة والخشب ففي لحوق الاسم بهم نظر لأنهم لا يقدرون في هذه الحالة على الدفع. السابع: لو القى الكفار نارا في سفينة فيها مسلمون فاشتعلت فيها فان غلب على ظنهم السلامة بالمقام أقاموا وان غلب بالالقاء بالماء ألقوا أنفسهم وان استوى الأمران قال الأوزاعي هما متساويان فاختر أيهما شئت وقال بعض الجمهور يلزمهم المقام لأنهم إذا رموا أنفسهم في الماء كان موتهم بفعلهم وان أقاموا فموتهم بفعل غيرهم والأول أقرب. الثامن: ينبغي للامام ان يتقدم إلى من يأمره على الجيش بتقوى الله والرفق للمسلمين وان لا يحملهم على مهلكة ولا يكلفهم ثقب حصن يخاف من سقوطه عليهم ولا دخول مطمورة يخشى من قبلهم تحتها فان فعل شيئا من ذلك فقد أساء ويستغفر الله تعالى ولا يجب عليه عقل ولا دية ولا كفارة إذا أصيب أحد منهم بطاعته لأنه فعله باختياره ومعرفته فلا يكون ضامنا. مسألة: وينبغي للوالي إذا بعث سرية ان يوصيهم لما رواه الشيخ في الحسن عن معاوية بن عمار قال أظنه عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم فأجلسهم بين يديه ثم يقول سيروا بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله لا تعلوا ولا تميلوا ولا تعذروا ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا صبيا ولا امرأة ولا تقطعوا شجرة الا ان تضطروا إليها واما رجل من أدنى المسلمين وأفضلهم نظرا رجل من المشركين فهو جاز حتى يسمع كلام الله فإن تبعكم فأخوكم في دينكم فان أبى فأبلغوه مأمنه ثم استعينوا بالله عليه وعن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا أراد بعث أمير له على سرية امره بتقوى الله عز وجل في خاصة نفسه ثم في أصحابه عامة ثم يقول اغزوا بسم الله وبالله وفي سبيل الله قاتلوا من كفر بالله ولا تميلوا ولا تعذروا ولا تفعلوا ولا تقتلوا وليدا ولا مسنا في شاهق ولا تحرقوا النخل ولا تغرقوه بالماء ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تحرقوا زرعا لأنتم لا تدرون لعلكم تخرجون إليه ولا تعقروا البهائم ما يؤكل لحمه الا ما بدا لكم من اكله وإذا لقيتم من المشركين فادعوهم إلى إحدى ثلاث فإنهم أجابوكم إليها فاقبل منهم وكف عنهم وادعهم إلى الاسلام فان فعلوا قبل منهم وكف عنهم وان أبوا ان يهاجروا اخبارهم وديارهم وأبوا ان يدخلوا في دار الهجرة كانوا بمنزلة اعراب المؤمنين يجرى عليهم ما يجرى على اعراب المؤمنين ولا يجري لهم الفئ بالقسمة شيئا الا ان يجاهد وافي سبيل الله فان أبوا هاتين فادعوا إلى اعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون فان أعطوا الجزية فاقبل منهم وكف عنهم فان أبوا فاستعن بالله عليهم وجاهدهم في الله حق جهادة وإذا حاصرت أهل الحضر فان أرادوا ان ينزلوا على حكم الله فلا شرط لهم ولكن أنزلهم على حكمي ثم اقضي فيهم بما بعد لما شئتم فإنكم ان أنزلتموهم لم تدروا واطلبوا حكم الله فيهم أم لا فإذا حاصرتم أهل حصن فأرادوك ان تنزل على ذمة الله وذمة رسوله فلا تنزلهم ولكن أنزلهم على ذمتكم وذمم ابائكم واخوانكم فلن لم يجزوا ذمتكم وذمم ابائكم واخوانكم كان أيسر عليكم يوم القيامة من أن يخفروا ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله مسألة: إذا ترك الامام على بلد جاز له محاصرته بمنع السائلة دخولا وخروجا بلا خلاف وقال الله تعالى اقتلوا
(٩٠٨)