وان أبوا دعاهم إلى اعطاء الجزية فان بذلوها قبل منهم وان امتنعوا قاتلهم وسبى ذراريهم ونسائهم وغنم أموالهم وقسمها على المستحقين. البحث الثاني في المقاتلين مع الامام. مسألة: قد بينا انه يجب على كل مكلف حر ذكر غيرهم ولا مريض ولا أعرج الجهاد على الكفاية ويتعين إذا عينه الإمام العادل هذا إذا كان الجهاد للدعاء إلى الاسلام أما إذا كان للدفع بان يدهم المسلمين عدو يخشى فيهم على بيضة الاسلام فإنه يجب على كل متمكن الجهاد سواء اذن الامام أو لم يأذن للدفع عن النفس والإسلام ويجب على المقل والمكثر التعسر ولا يجوز لاحد التخلف الا مع الجاجة إلى تخلفه لحفظ المكان والأهل والمال ومن يمنعه الامام من الخروج أو القتال لقوله تعالى انفروا خفافا وثقالا وقوله عليه السلام إذا استنفرتم فانفروا وقد ذم الله تعالى الذين أرادوا الرجوع إلى منازلهم يوم الأحزاب بقوله يستأذن فريق منهم المشي يقولون ان بيوتنا عورة وما هي بعورة ان يريدون الا فرار وإذا ثبت هذا فان أمكن استخراج اذن الامام في الخروج إليهم وجب اذنه لأنه اعرف وأمر الحرب موكول إليه لعلمه بكثرة العدو وقلته ومكان العدو وكيده فيرجع إليه لأنه أحوط للمسلمين ولو لم يكن استيذانه لغيبته ومفاجآت العدو لم يجب استيذانه ووجب الخروج إلى القتال. مسألة: إذا نودي بالنفر والصلاة فإن كان العدو بعيد ممكن الجمع بين الصلاة والخروج صلوا ثم خرجوا ولو كان بالقرب بحيث يخشى من التأخير بالصلاة خرجوا وصلوا على ظهور دوابهم وكان النفر أولى من الصلاة جماعة وقد نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله غسيل الملائكة وهو جنب يعنى حنظلة بن الراهب ولو كانوا في الصلاة أتموها ولو كان خطبة الجمعة أتموها ولو نادى الامام بالصلاة جامعة لأمر يحدث فيتشاوروا فيه لم يتخلف أحد لعذر ولا ينبغي ان ينفر الخيل ان عن حقيقة الامر ولا ينبغي لهم ان يخرجوا مع قد بد معروف بالهرب وتضييع المسلمين لاشتماله على الضرر الذي لا يتدارك وينبغي ان يخرجوا مع من له ثقة ونظر على المسلمين ولو كان القائد معروفا بشرب الخمر أو غيره من المعاصي وهو شجاع جاز النفور معه لقوله عليه السلام ان الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر هذا كله مع الحاجة إلى النفير من غير ا الإمام العادل اما مع عدم الحاجة فلا يجوز على حال. مسألة: ولا ينبغي للامام ان يخرج معه من يخذل الناس ويثبطهم عن الغزو ويزيدهم في الخروج إليه في القتال كمن يقول الحر شديد أو البرد والمشقة شديدة ولا يؤمر هزيمة هذا الجيش ولا المرجف وهو الذي يقول هلكت سرية المسلمين ولا مدد لهم ولا طاقة بالكفار والكفار أكثر منكم ولهم قوة ومدد وصبر لا يقوى بهم أحد ولا يثبت بهم مقاتل ولا يجوز ذلك معين من المسلمين بالتجسس للكفار ومكاتبتهم باخبار المسلمين واطلاعهم على عوراتهم وأبوا جاسوسهم والامر يوقع العداوة بين المسلمين ويسعى بينهم بالفساد لقوله تعالى ولكن كره الله انبعاثهم فيثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين لو خرجوا فيكم ما زادوكم الا خبالا وضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة ولان فيهم ضررا على المسلمين فيلزم الامام منعهم من الخروج لو خرج واحد من هؤلاء لم يسهم له ولا يوضح أو ضحية وان أظهر مؤنته المسلمين لأنه أظهره نفاقا والسهم انما يستحقه من يعاون المسلمين ولو كان الأمير أحد هؤلاء لم يخرج الناس معه لأنه إذا كان متبوعا من استصحابه والثاني أولى لأنه ضرره أكثر. مسألة: قد بينا انه يجوز استصحاب النساء لمداوات الجرحى ومعالجتهم وغيرهم ذلك من المصالح إذا ثبت هذا فإنما يستحب اخراج العجائز اما لثواب فيكره اخراجهن إلى ارض العدو لأنه لا لا فايدة لهن في الحرب لاستيلاء الخير عليهن والا يؤمن ظفر المشركين بهن فينالون منهن الفاحشة وقد روى جشوح بن زياد عن جدته أم أبيه انها خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة حنين سادسة ست نسوة فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله فبعث إلينا فجئنا مريبا فيه الغضب فقال مع من خرجن فقلنا يا رسول الله خرجنا يعزل الشعر ويعنى به في سبيل الله ومعانة الجرحى وتناول السهام ويبقى السويق قال فهو حتى إذا فتح الله خيرا أسهم لنا كما أسهم للرجال فقلت لها يا جد ة ما كان ذلك قالت هن اما العجائز والطاعن في السن إذا كان فيهن نفع كسعي الماء ومعالجة الجرحى فلا بأس به وان أم سلمة وسبية بن كعب يغزون مع النبي صلى الله عليه وآله يسقي الماء ومعالجة جرحا وقال انس كان النبي صلى الله عليه وآله يغزو بأم سلمة ونسوة معها من الأنصار ويسقين الماء ويداوين الجرحى ولو احتاج إلى اخراج الشابة منهن جاز اخراجها فان النبي صلى الله عليه وآله خرج بعايشة في غزوات وهذا مخصوص بالأمير اما الرعية فتشتد الكراهية في حقهم. مسألة: يجوز للامام ان يستعين باهل الذمة في الحرب الكفار بشرطين. أحدهما: ان يكون في المسلمين قلة وحاجة إليهم. والثاني: بان يكون ممن يؤمنوا لما رواه ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله استعان بيهودي سقاع ووضع لهم واستعان بصفوان بن أمية على حرب هو اذن قبل اسلامه اما مع فقد أحد الشرطين فلا يجوز لقوله عليه السلام انا لا نستعين بالمشركين على المشركين وانما أراد به عليه السلام مع فقد أحد الشرطين ولأنهم مع عدم الحاجة إليهم مغضوب عليهم فلا تحصل النصرة بهم ومع عدم امنهم لا يجوز استصحابهم لأنا منهم الخاذل والمرجف من المسلمين فمن الكفار أولى إذا ثبت هذا فان الشافعي وافقنا على ذلك ومنع ابن المنذر من الاستعانة بالمشركين مطلقا وعن أحمد روايتان لما روته عايشة قالت خرج النبي صلى الله عليه وآله إلى بدر حتى إذا كان بالحرة الوتر أدركه رجل من المشركين كان يذكر منه حواء ونحوه فسره المسلمون فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله جئت لاتبعك
(٩٠٦)