ثم إن الشافعي والأصحاب في الطريقتين لم يشترطوا صلاتها في آخر الوقت بل أوجبوا الصلاة في الوقت متى شاءت كغيرها وصرح أكثرهم بهذا وهو مقتضى اطلاق الباقين وقطع صاحب الحاوي بأن عليها الصلاة في آخر الوقت ونقله بعد هذا بأسطر عن الأصحاب وهو موافق لما سبق من قوله في الغسل وهو وإن كان له وجه فهو شاذ متروك لما فيه من الحرج ثم إذا صلت الخمس في أوقاتها هل يجب قضاؤها ظاهر نص الشافعي أنه لا يجب لأنه نص على وجوب قضاء الصوم ولم يذكر قضاء الصلاة وهو ظاهر كلام المصنف وقد صرح بأن لا قضاء الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب وابن الصباغ وجمهور العراقيين والغزالي في الوجيز ونقله الدارمي وصاحب الحاوي والشيخ نصر وآخرون عن جمهور أصحابنا لأنها إن كانت حائضا فلا صلاة عليها وإن كانت طاهرا فقد صلت وقال الشيخ أبو زيد المروزي رحمه الله يجب قضاء الصلوات لجواز انقطاع الحيض في أثناء الصلاة أو بعدها في الوقت ويحتمل انقطاعه قبل غروب الشمس فيلزمها الظهر والعصر وقبل طلوع الفجر فيلزمها المغرب والعشاء وإذا كنا نفرع على قول الاحتياط وجب مراعاته في كل شئ هذا قول أبي زيد قال الرافعي ويحكي أيضا عن ابن سريج قال وهو ظاهر المذهب عند الجمهور وبه قطع المتولي والبغوي وغيرهما (قلت) وقطع به القاضي حسين أيضا ورجحه امام الحرمين وجمهور الخراسانيين والدارمي وصاحب الحاوي والشيخ نصر المقدسي من العراقيين قالوا لأنه مقتضى الاحتياط والشافعي كما لم يذكر القضاء لم ينفه ومقتضى مذهبه الوجوب وحجة الأولين ما ذكره امام الحرمين انا لا نلزم المتحيرة كل ممكن لأنه يؤدى إلى حرج شديد والشريعة تحط عن المكلف أمورا بدون هذا الضرر والدليل على أنه لا يلزمها كل ممكن أن عدتها تنقضي بثلاثة أشهر ولا تقعد إلى اليأس واختار صاحب الحاوي طريقة أخرى فقال الصحيح عندي أنها تنزل تنزيلين هما أغلظ أحوالها أحدهما تقرير دوام الطهر إلى وقت الصلاة وامكان أدائها ووجب الحيض بعده فيلزمها الصلاة في أول الوقت بالوضوء دون الغسل والتنزيل الثاني دوام الحيض إلى دخول وقت الصلاة ثم وجود الطهر بعده فيجب الغسل في آخر الوقت دون الوضوء فحصل من التنزيلين أنه يلزمها أن تصلي الظهر في أول وقتها بالوضوء لاحتمال أن يكون آخر طهرها ثم تصليها في آخر وقتها بالغسل لاحتمال أن يكون أول طهرها فإذا دخل وقت الصعر صلت العصر في أول وقتها بالوضوء ثم صلتها بالغسل في آخر الوقت إذا بقي منه ما يسع ما يلزمها به صلاة العصر ثم أعادت الظهر مرة ثالثة في آخر وقت العصر بالغسل لاحتمال ابتداء الطهر في آخر وقت العصر
(٤٤٤)