وروى طلحة بن زيد والسكوني جميعا عن جعفر عن أبيه عن علي ع: أنه كان لا يجيز كتاب قاض إلى قاض في حد ولا غيره حتى وليت بنو أمية فأجازوا بالبينات.
قوله: فأجازوا بالبينات، يريد بذلك أن هذا كتاب فلان القاضي لا أن المقصود أجازوا الأحكام بالبينات، وقد بينا أنه لا خلاف بين أصحابنا سلفهم وخلفهم بل إجماعهم منعقد لا يجوز كتاب قاض إلى قاض ولا يعمل به ولا يحكم لأن ذلك حكم شرعي يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي، وأيضا فلا يجوز للحاكم الثاني والقاضي الثاني أن يقلد القاضي الأول بل يجب عليه أن يحكم بالحق وإقامة البينة أو الإقرار وما يثبت من ذلك عنده دون ما ثبت عند غيره، فأما ما يدعى من كتب الرسول ع إلى البلدان فجميع ذلك أخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا وما عمل بالكتاب بل بالتواتر بما في الكتاب دونه إن كان عمل بشئ من ذلك على ما بيناه.
وروى هارون بن حمزة عن أبي عبد الله قال: قلت: رجلان من أهل الكتاب نصرانيان أو يهوديان كان بينهما خصومة فقضى بينهما حاكم من حكامهما بجور فأبى الذي قضى عليه أن يقبل وسأل أن يرد إلى حكم المسلمين، قال: يرد إلى حكم المسلمين.
قال محمد بن إدريس: إن كان قد قضى عليه بما هو صحيح في مذهبهم فقد أمرنا أن نقرهم على أحكامهم فلا يجوز لنا أن نفسخ حكمهم عليهم ولا نرده عليهم ولا نجيبه إلى دفعه عن نفسه، وإن كان قد قضى عليه بجور على مذهبهم فنرده ويسلم ظاهر الحديث لأنا ما أمرنا أن نقرهم إلا على أحكامهم وما يجوز عندهم دون ما لا يجوز، ويعضد ما قلناه قوله في الحديث: قضى بينهما حاكم من حكامهما بجور، وما يكون حقا عندهم ما يكون جورا على المحكوم عليه بل هو عنده حق وصواب.
وروى حريز - بالحاء غير المعجمة وآخر الاسم زاي - عن محمد بن مسلم وزرارة عنهما جميعا قال: لا يحلف أحد عند قبر النبي ع على أقل مما يجب فيه القطع.
قال محمد بن إدريس: هذا على جهة التغليظ فإن الحاكم لا يلزمه أن يحلف هناك إلا إذا