وهنا مسائل:
الأولى: يشترط في ثبوت الولاية إذن الإمام ع أو من فوض إليه الإمام، ولو استقضى أهل البلد قاضيا لم يثبت ولايته، نعم لو تراضى خصمان بواحد من الرعية وترافعا إليه فحكم بينهما لزمهما الحكم، ولا يشترط رضاهما بعد الحكم، ويشترط فيه ما يشترط في القاضي المنصوب عن الإمام ويعم الجواز كل الأحكام، ومع عدم الإمام ينفذ قضاء الفقيه من فقهاء أهل البيت ع الجامع للصفات المشروطة في الفتوى لقول أبي عبد الله ع: فاجعلوه قاضيا فإني جعلته قاضيا فتحاكموا إليه. ولو عدل والحال هذه إلى قضاة الجور كان مخطئا.
الثانية: تولى القضاء مستحب لمن يثق من نفسه بالقيام بشرائطه وربما وجب ووجوبه على الكفاية، وإذا علم الإمام أن بلدا خال من قاض لزمه أن يبعث له و يأثم أهل البلد بالاتفاق على منعه ويحل قتالهم طلبا للإجابة، ولو وجد من هو بالشرائط فامتنع لم يجبر مع وجود مثله، ولو ألزمه الإمام قال في الخلاف: لم يكن له الامتناع لأن ما يلزم به الإمام واجب، ونحن نمنع الإلزام إذ الإمام لا يلزم بما ليس لازما. أما لو لم يوجد غيره تعين هو ولزمه الإجابة، ولو لم يعلم به الإمام وجب أن يعرف نفسه لأن القضاء من باب الأمر بالمعروف. وهل يجوز أن يبذل مالا ليلي القضاء؟ قيل: لا، لأنه كالرشوة.
الثالثة: إذا وجد اثنان متفاوتان في الفضيلة مع استكمال الشرائط المعتبرة فيهما فإن قلد الأفضل جاز، وهل يجوز العدول إلى المفضول؟ فيه تردد، والوجه الجواز لأن خلله ينجبر بنظر الإمام.
الرابعة: إذا أذن له الإمام في الاستخلاف جاز، ولو منع لم يجز، ومع إطلاق التولية إن كان هناك أمارة تدل على الإذن مثل سعة الولاية التي لا تضبطها اليد الواحدة جاز الاستنابة وإلا فلا استنادا إلى أن القضاء موقوف على الإذن.
الخامسة: إذا ولى من لا يتعين عليه القضاء فإن كان له كفاية من ماله فالأفضل أن لا يطلب الرزق من بيت المال ولو طلب جاز لأنه من المصالح، وإن تعين للقضاء ولم