إذا تبايعتم، وهذا أمر على الوجوب، قال: ولا دليل لمن جعله ندبا وهذا الأمر فيما يتتابع عليه نقدا كالرباع والحيوان. وقيل من ههنا ذهب بعض الفقهاء إلى: أن الإشهاد في البياعات واجب. وليس كما قدر لأنه من باب الاحتياط.
فإن قيل: فما معنى " تجارة حاضرة " وسواء كانت المبايعة بدين أو بعين والتجارة حاضرة وما معنى إدارتها بينهم؟
قلنا: أريد بالتجارة ما يتجر فيه من الإبدال، ومعنى إدارتها بينهم تعاطيهم إياها يدا بيد، والمعنى إلا أن يتبايعوا بيعا ناجزا يدا بيد فلا بأس أن لا يكتبوا لأنه لا يتوهم فيه ما يتوهم في التداين.
وأما قوله: وأشهدوا إذا تبايعتم، فهو أمر بالإشهاد على التبايع مطلقا ناجزا وكالئا لأنه أحوط وأبعد مما عسى يقع من الاختلاف، ويجوز أن يراد وأشهدوا إذا تبايعتم هذا التبايع، يعني التجارة الحاضرة على أن الإشهاد كان فيه دون الكتابة.
فصل:
وقوله تعالى: ولا يضار كاتب ولا شهيد.
" يضار " يحتمل البناء للفاعل والمفعول والدليل عليه قراءة أبي عمرو " ولا مضاررة " بالإظهار والكسر، وقراءة ابن عباس " ولا يضارر " بالإظهار والفتح. والمعنى إذا كان على يفاعل نهي الكاتب والشهيد عن ترك الإجابة إلى ما يطلب منهما وعن التحريف والزيادة والنقصان أي لا يكتب الكاتب إلا الحق ولا يشهد الشاهد إلا بالحق، وإذا كان على يفاعل فمعناه النهي عن الضرار بهما بأن يعجلا عن مهم أو يلزا أو تحمل الشهيد مؤنة مجيئه من بلد، أي لا يدعى إلحاحا ولا يؤذي إذا كان في شغل.
وقال أبو محمد جعفر بن مبشر: جميع ما في هذه الآية كله على التخيير إلا حرفين وهما " لا يضار كاتب ولا شهيد " لقوله: وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم، والثاني " ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ".
ومعنى " وإن تفعلوا " وأن تضاروا فإنه: أي فإن الضرار فسوق بكم، وقيل: وإن