القول في كيفية الحكم:
المدعي هو الذي يترك لو ترك، والمنكر مقابله، وجواب المدعى عليه إما إقرار أو إنكار أو سكوت.
فالإقرار يمضى مع الكمال، ولو التمس كتابة إقراره كتب وأشهد مع معرفته أو شهادة عدلين بمعرفته أو قناعته بحليته، فإن ادعى الإعسار وثبت صدقه ببينة مطلعة على باطن أمره أو بتصديق خصمه أو كان الدعوى بغير مال وحلف ترك وإلا حبس حتى يعلم حاله.
وأما الانكار فإن كان الحاكم عالما قضى بعلمه وإلا طلب البينة، فإن قال: لا بينة لي، عرفه أن له إحلافه، فإن طلبه أحلفه الحاكم ولا يتبرع بإحلافه ولا يستقل به الغريم من دون إذن الحاكم، فإن حلف سقطت الدعوى عنه وحرمت مقاصته. ولا يسمع البينة بعده، وإن رد اليمين حلف المدعي، فإن امتنع سقطت دعواه، فإن نكل ردت اليمين أيضا، وقيل: يقضى بنكوله، والأول أقرب. وإن قال: لي بينة، عرفه أن له إحضارها، وليقل: أحضرها إن شئت، و إن ذكر غيبتها خيره بين إحلاف الغريم والصبر، وليس له إلزامه بكفيل ولا ملازمته، وإن أحضرها وعرف الحاكم العدالة حكم، وإن عرف الفسق ترك، وإن جهل استزكى، ثم سأل الخصم عن الجرح، فإن استنظر أمهله ثلاثة أيام، فإن لم يأت بالجارح حكم عليه بعد الالتماس، وإن ارتاب الحاكم بالشهود فرقهم وسألهم عن مشخصات القضية، فإن اختلفت أقوالهم سقطت، ويكره أن يعنت الشهود إذا كانوا من أهل البصيرة بالتفريق، ويحرم أن يتعتع الشاهد وهو أن يداخله في الشهادة أو يتعقبه أو يرغبه في الإقامة أو يزهده لو توقف، ولا يقف عزم الغريم عن الإقرار إلا في حقه تعالى لقضية ماعز بن مالك عند النبي ص.
وأما السكوت إن كان لآفة توصل إلى الجواب، وإن كان عنادا حبس حتى يجيب أو يحكم عليه بالنكول بعد عرض الجواب عليه.