الاستحباب.
باب تعديل الشهود ومن تقبل شهادته:
قال الله تعالى: واستشهدوا شهيدين من رجالكم، أي اطلبوا أن يشهد لكم شهيدان من رجالكم من رجال المؤمنين، والمعنى بالغوا في طلب من يعلم بتعاملكم وهو شهيدان أي رجلان من أهل الفضل والعدل لكي إن اختلفتم بينا الحق من الباطل بما عرفاه من قبل.
والشهادة العلم، والسين للطلب والسؤال. وقال " شهيدين " ولم يقل رجلين ليستغني عن ذكر عدلين، لأنه تعالى قال: وأشهدوا ذوي عدل منكم، و " الشهيد " اسم للرجل العدل وهو أبلغ من " شاهد ". و " العدل " هو من ظاهره ظاهر الإيمان ويعرف باجتناب الكبائر ويعرف بالصلاح والعفاف حافظا على الصلوات. وقال مجاهد: في قوله تعالى " من رجالكم " أي من رجالكم الأحرار المسلمين دون الكفار والعبيد. وقال شريح والبتي وأبو ثور: الحرية ليست شرطا في قبول الشهادة، و عندنا هذا هو الصحيح، وإنما الاسلام شرط مع العدالة. ولم يقل: واستشهدوا شهيدين من رجالكم في ذلك، إشعارا بأن الإشهاد كما يعتبر في الدين والسلم يراعى في أشياء كثيرة.
فصل:
ثم قال تعالى: فإن لم يكونا رجلين، أي فإن لم يكن الشهيدان رجلين، يعني إن لم يحضر من يستأهل أن يكون شهيدا من جملة الرجال رجلين " فرجل وامرأتان " أي فليشهد رجل وامرأتان. والحكم بالشاهد والمرأتين يختص بما يكون مالا أو المقصود به المال، فأما الحدود التي هي حق الله وحقوق الآدميين وما يوجب القصاص فلا يحكم فيها بشهادة رجل وامرأتين إلا في الرجم وحد الزنى والدم خاصة لئلا يبطل دم امرئ مسلم، فإنه إذا شهد ثلاثة رجال وامرأتان على رجل بالزنى وجب عليه الرجم إن كان محصنا، وإن شهد بذلك رجلان وأربع نسوة لا يرجم المشهود عليه بل يحد حد الزاني،