يدعي على صاحبه فهما جميعا مدعيان كما أنهما جميعا مدعى عليهما فبطلت المزية والتفرقة التي توهمها ابن الجنيد.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية في هذه الأعصار وإن روي لها وفاق قديم القول: بجواز شهادات ذوي الأرحام والقرابات بعضهم لبعض إذا كانوا عدولا من غير استثناء لأحد، إلا ما يذهب إليه بعض أصحابنا معتمدا على خبر يرويه من: أنه لا يجوز شهادة الولد على الوالد وإن جازت شهادته له ويجوز شهادة الوالد لولده وعليه.
وقد رويت موافقة الإمامية في ذلك عن عمر بن الخطاب وشريح والزهري وعمر بن عبد العزيز والحسن البصري والشعبي وأبي ثور، وروى الساجي: أن أياس بن معاوية أجاز شهادة رجل لابنه وأخذ يمين الطالب وكل من أجاز شهادة الأب للابن والابن للأب أجاز شهادة الأخ لأخيه، وكل ذي قرابة لقرابته.
وقد روي جواز شهادة الأخ لأخيه، عن شريح وابن سيرين والنخعي والشعبي وعطاء وقتادة وعبد الله بن الحسن وعثمان بن البستي وعمر بن عبد العزيز والثوري ومالك والشافعي وأبي حنيفة وجمهور الفقهاء على ذلك، وإنما خالف فيه الأوزاعي فذهب إلى:
أن شهادة الأخ لأخيه لا تقبل وإن كان عدلا.
وحكى عن مالك أنه قال: إن شهد له في غير النسب قبلت، وإن شهد له في النسب فإن كانا أخوين من أم فادعى أحدهما أخا من أب وشهد له أخوه لم تقبل، وإذا جاز شهادة الأقارب في النسب بعضهم لبعض فالأولى جواز ذلك في الرضاع لأن كل من ذهب إلى أحد الأمرين ذهب إلى الآخر ولم يفرق أحد بين المسألتين.
دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتردد، وأيضا قوله: وأشهدوا ذوي عدل منكم، فشرط تعالى العدالة ولم يشرط سواها ويدخل في عموم هذا القول ذو القرابات كلهم، وقوله تعالى: واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان، يدل أيضا على هذه المسألة، فأما اعتماد المخالفين على الأخبار التي يروونها