الفصل الثاني: في الحالف:
ويشترط فيه: البلوغ والعقل والاختيار والقصد وتوجه دعوى صحيحة عليه. فلا عبرة بيمين الصبي وإن ادعى البلوغ لم يحلف عليه بل يصدق مع إمكانه، ولو قال: أنا صبي، لم يحلف بل ينتظر بلوغه. نعم لو ادعى الصبي المشرك أنه استنبت الشعر بالعلاج حلف وإلا قتل ويحتمل أن يحبس حتى يبلغ ثم يحلف وإن نكل قتل، ولو حلف المجنون أو المكره أو السكران والنائم والمغمى عليه والغافل لم يعتد بها، ويحلف الكامل في إنكار المال والنسب والولاء والرجعة والنكاح والظهار والإيلاء ولا يحلف في حدود الله تعالى ولا القاضي ولا الشاهد ويحلف القاضي بعد العزل، ولا يحلف الوصي والقيم إذ لا يقبل إقرارهما بالدين على الميت ولا من ينكر الوكالة باستيفاء الحق وإن علم أنه وكيل فيجوز جحود الموكل، ويجوز للوكيل بالخصومة إقامة البينة على وكالته من غير حضور الخصم.
والحالف قسمان: منكر ومدعي. أما المنكر فإنما يحلف مع فقد بينة المدعي ومع وجودها إذا رضي المدعي بتركها واليمين، وأما المدعي فإنما يحلف مع الرد أو النكول على رأي فإن ردها المنكر توجهت فإن نكل سقط دعواه إجماعا. ولو رد المنكر اليمين ثم بذلها قبل الإحلاف قيل: ليس له ذلك إلا برضا المدعي، وفيه إشكال ينشأ من أن ذلك تفويض لا اسقاط، ويحلف المدعي مع اللوث في دعوى الدم.
وإذ ادعى على المملوك فالغريم مولاه سواء كانت الدعوى مالا أو جناية، والأقرب عندي توجه اليمين عليه فإن نكل ردت على المدعي ويثبت الدعوى في ذمة العبد يتبع بها بعد العتق، ولا يسمع الدعوى في الحدود مجردة عن البينة ولا يتوجه اليمين على المنكر، ولو قذفه ولا بينة فادعاه عليه قيل: له إحلافه ليثبت الحد على القاذف، وفيه نظر من حيث أنه لا يمين في حد.
ومنكر السرقة يحلف لإسقاط الغرم فإن نكل حلف المدعي ويثبت المال دون القطع وكذا لو حلف مع شاهد واحد، ولا يحلف مدعي إبدال النصاب في الحول ولا مدعي نقصان الخرص، ولا مدعي الاسلام قبل الحول بل يصدقون، ولو أقام شاهدا فأعرض عنه وقنع بيمين المنكر أو كان له بينة كاملة فأعرض عنها وقال: أسقطت البينة، وقنع