كتاب القضاء المسألة الثامنة والتسعون والمائة:
يقضى بشاهد ويمين المدعي إذا كان المدعي عدلا وإلا لم يقض.
هذا صحيح وإليه ذهب أصحابنا، وقال الشافعي: يقضى بالشاهد واليمين في الأموال، وقال أبو حنيفة: لا يقضى به على كل حال.
دليلنا بعد الاجماع المتردد ما رواه عمرو بن دينار عن ابن عباس: أن النبي ع قضى باليمين مع الشاهد، قال عمرو: كان ذلك في الحقوق، وروى هذا الخبر أبو هريرة وجابر وغيرهما.
فإن قيل: المراد بالخبر أنه قضى بيمين المدعى عليه وشاهد المدعي.
قلنا: هذا تعسف شديد من التأويل، وظاهر الخبر يقتضي أن القضاء كل مجموع الشاهد واليمين وتأثير كل واحد منهما وعلى تأويلكم هذا القضاء إنما يكون باليمين والشاهد لا تأثير له، على أنه قد روي في بعض الأخبار: أنه ع قضى بيمين وشاهد، وهذا يسقط تأويلهم.
فإن قيل: تأويل الخبر أن رجلا باع عبدا وادعى المبتاع أن به أثر عيب فوجب الرد وذلك لا يثبت بمجرد قوله بل يحتاج أن يشهد أهل الخبرة بذلك، ثم إن البائع ادعى أنه باع بشرط البراءة من العيب وأنكر المشتري ذلك فالقول قول المشتري مع يمينه، فإن حلف حكم له الحاكم بالرد، وهذا الحكم إنما كان بالشاهد واليمين.