في هذا الباب كخبر يروى عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي ص أنه قال: لا تجوز شهادة الوالد لولده ولا الولد لوالده، فمما لا يصح الاعتماد عليه لأن كل هذه الأخبار إذا سلمت من القدح كانت أخبار آحاد لا توجب إلا الظن ولا تنتهي إلى علم، ولا يجوز أن يرجع بما يوجب الظن عن ظواهر الكتاب الموجبة للعلم على أن الساجي قد قال في هذا الخبر: إن هذه رواية غير ثابتة عند أهل النقل، وراوي هذا الخبر عن الزهري يزيد بن أبي زياد.
وحكى الساجي أن شعبة قال: إن يزيد كان رفاعا، أي يرفع إلى النبي ص ما لا أصل له، وضعف هذا الحديث من وجوه معروفة وقدح في رواته.
وأما الاعتماد في المنع من شهادة الأقارب على التهمة التي تلحق لأجل النسب فغير صحيح لأنه يلزم على ذلك أن لا تقبل شهادة الصديق لصديقه ولا الجار لجاره لأن التهمة متطرقة، وأيضا فإن العدالة مانعة من التهمة حاجزة.
وحكى عن الشافعي في المنع من شهادة الوالد لولده والولد لوالده أنه قال: الولد جزء من أبيه فكأنه شهد لنفسه إذا شهد لما هو بعضه، وهذا غير محصل لأن الولد وإن كان مخلوقا من نطفة أبيه فليس ببعض له على الحقيقة بل لكل واحد منهما حكم يخالف حكم صاحبه، وكذلك استرقوا الولد برقية أمه وإن كان الأب حرا وحرروه بحرية الأم وإن كان الأب عبدا، ولم يسر حكم كل واحد منهما إلى صاحبه.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية إلا من شذ من جملتهم وسنتكلم عليه القول: بشهادة العبيد لساداتهم إذا كان العبيد عدولا مقبولة وتقبل أيضا على غيرهم ولهم ولا تقبل على ساداتهم وإن كانوا عدولا. وقد روي عن أنس موافقة الإمامية في قبول شهادة العبيد العدول وهو قول الليث وأحمد بن حنبل وداود وأبي ثور، وروي عن الشعبي أنه قال:
يقبل فيما قل من الحقوق ولا يقبل فيما كثر.
دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه إجماع الطائفة ولا اعتبار بمن شذ أخيرا عنهم، وظواهر