باب القضايا والأحكام إياك والقضاء فاجتنبه فإن القضاء أشد المنازل من الدين ولا يفي به إلا نبي أو وصي نبي، وقال أمير المؤمنين ع لشريح: يا شريح قد جلست مجلسا ما جلسه إلا نبي أو وصي نبي أو شقي.
واعلم أن القضاة أربعة: قاض قضى بالباطل وهو يعلم أنه باطل فهو في النار، وقاض قضى بالباطل وهو لا يعلم أنه باطل فهو في النار، وقاض قضى بالحق وهو لا يعلم أنه حق فهو في النار، وقاض قضى بالحق وهو يعلم أنه حق فهو في الجنة.
واعلم أن من جلس للقضاء فإن أصاب الحق في الحكم فبالحري أن يسلم، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة.
واعلم أن الحكم في الدعاوي كلها أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، فإن نكل عن اليمين لزمه الحق، فإن رد المدعى عليه اليمين على المدعي إذا لم يكن للمدعي شاهدان فلم يحلف فلا حق له إلا في الحدود فلا يمين فيها، وفي الدم فإن البينة على المدعي عليه واليمين على المدعي، لئلا يبطل دم امرئ مسلم.
واعلم أن أيما رجل كان بينه وبين امرئ مسلم أخ له مماراة في حق فدعاه إلى رجل من إخوانه ليحكم بينه وبينه فأبى إلا أن يرافعه إلى هؤلاء كان بمنزلة الذين قال الله عز وجل: أ لم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت، وقد أمروا أن يكفروا به. فإن ابتليت