وإذا حلف المنكر سقطت الدعوى عنه ولا يحل للمدعي مطالبته بعد ذلك بشئ وإن كان كاذبا في يمينه، ولو ظفر له بمال لم يحل له مقاصته ويأثم مع معاودة المطالبة ولا تسمع دعواه ولا بينته، وقيل: يحكم بالبينة إلا أن يشترط الحالف سقوط الحق باليمين، وقيل: تسمع مع النسيان. وكذا لو أقام شاهدا واحدا وبذل معه اليمين نعم لو أكذب الحالف نفسه جاز أن يطالب وأن يقاص مما يجده له مع امتناعه عن التسليم.
وإن رد المنكر اليمين عن المدعي فإن حلف ثبت دعواه وإن نكل سقطت، وهل له المطالبة بعد ذلك؟ إشكال. ولو قال المدعي قد أسقطت عنك هذه اليمين لم يسقط دعواه فإن أعاد الدعوى مرة ثانية فله إحلافه، ولو نكل المنكر بمعنى أنه لم يحلف ولم يرد قال له الحاكم: إن حلفت وإلا جعلتك ناكلا، ثلاث مرات استظهارا لا فرضا، فإن أصر فالأقرب أن الحاكم يرد اليمين على المدعي، فإن حلف ثبت حقه وإن امتنع سقط، وقيل: يقضى بنكوله مطلقا، ولو بذل المنكر اليمين بعد نكوله لم يلتفت إليه.
الثالث: السكوت:
فإن كان لآفة من طرش أو خرس توصل الحاكم إلى معرفة جوابه بالإشارة المفيدة لليقين، فإن افتقر إلى المترجم لم يكف الواحد بل لا بد من عدلين، وإن كان عنادا ألزمه بالجواب فإن امتنع حبس حتى يبين، وقيل: يجبر عليه، وقيل: يقول الحاكم: إن أجبت وإلا جعلتك ناكلا ورددت اليمين على المدعي، فإن أصر رد اليمين على المدعي.
الفصل الثالث: في كيفية سماع البينة:
إذا سأل الحاكم المدعي بعد الانكار عن البينة وذكر أن له بينة لم يأمره بإحضارها لأن ذلك حقه وقيل له ذلك، فإن جهل قال له: أحضرها إن شئت، فإذا أحضرها لم يسألها الحاكم حتى يسأله المدعي ذلك لأنه حقه فلا يتصرف فيه من غير إذنه، فإذا سأله المدعي سؤالها قال: من كانت عنده شهادة فليذكر إن شاء، ولا يقول لهما: اشهدا، فإن أقاما الشهادة لم يحكم إلا بمسألة المدعي، فإن سأله الحكم وعرف عدالتهما بالعلم أو بالتزكية واتفقت شهادتهما ووافقت الدعوى قال للخصم: إن كان عندك ما يقدح في