كالزنا، وقال آخرون: يثبت بشاهدين كسائر الإقرارات، وهو أقوى.
مسألة:
وقوله تعالى: والذين يرمون المحصنات، معناه الذين يقذفون العفائف بالزنى - فحذف بالزنى لدلالة الكلام عليه - ولم يقيموا أربعة من الشهود عليه فإنه يجب على كل واحد منهم ثمانون جلدة إذا كان أجنبيا منها لا زوجا، ثم نهى سبحانه عن قبول شهادة القاذفين على التأبيد وحكم عليهم بأنهم فساق بقوله تعالى: ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون، ثم استثني منهم: إلا الذين تابوا من بعد ذلك. واختلفوا في الاستثناء إلى من يرجع، فقال قوم: هو من الفساق فإذا تاب قبلت شهادته حد أو لم يحد، وهو قول ابن المسيب.
مسألة:
وسئل أبو عبد الله ع عن الذي يقذف المحصنات تقبل شهادته إذا تاب؟
قال: نعم، قيل: وما توبته؟ قال: فيجئ ويكذب نفسه عند الإمام ويقول: قد افتريت على فلانة، ويتوب مما قال. وقال ابن عمر لأبي بكرة: إن تبت قبلت شهادتك، فأبى أبو بكرة أن يكذب نفسه. وبه قال الشافعي، وهو مذهبنا.
وقال الحسن: الاستثناء من الفاسقين دون قوله: ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا، وبه قال أهل العراق، قالوا: فلا يجوز قبول شهادة القاذف أبدا. ولا خلاف في أنه إذا لم يحد بأن تموت المقذوفة ولم يكن هناك مطالب ثم تاب أنه يجوز قبول شهادته، وهذا يقتضي الاستثناء من المعنيين على تقدير: وأولئك هم الفاسقون، مع امتناع قبول شهادتهم إلا التائبين منهم، والحد حق المقذوفة لا يزول بالتوبة.
ثم قال: إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا، وإن نزلت في سبب لم يجب قصرها عليه، وعلى هذا أكثر المحصلين كآية القذف وآية اللعان وآية الظهار وغيرها.