الثالث: بدل من قوله " آخران ".
وزعم الكوفيون إنه لا يجوز إبداله من آخرين لتأخر العطف في قوله تعالى " فيقسمان " لأنه يصير بمنزلة " مررت برجل قام زيد وقعد "، وقال الرماني: يجوز على العطف بالفاء جملة على جملة، وقال الفارسي: يجوز أن يكون رفعا بالابتداء وقد أخر، وتقديره فالأوليان بأمر الميت آخران من أهله أو من أهل دينه يقومان مقام الخائنين اللذين من عثر عليهما، كقولك: تميمي أنا، ويجوز أن يكون خبرا لابتداء محذوف وتقديره آخران يقومان مقامهما هما الأوليان. واختار الأخفش أن يكون " الأوليان " صفة لقوله " فآخران "، لأنه لما وصف اختص، فوصف لأجل الاختصاص ما يوصف به المعارف.
فأما الجمع فعلى اتباع اللذين وموضعه الجر وتقديره: من الأولين الذين استحق عليهم الإيصاء والإثم. وإنما قيل لهم: الأولين، من حيث كانوا الأولين في الذكر، أ لا ترى أنه قد تقدم " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم "، وكذلك " اثنان ذوا عدل منكم " ذكرا في اللفظ قبل قوله " أو آخران من غيركم "، وحجتهم في ذلك أن قالوا: أ رأيت إن كان الأوليان صغيرين أراد بهما إذا كانا صغيرين لم يقوما مقام الكبيرين في الشهادة ولم يكونا لصغرهما أولى بالميت وإن كانا لو كانا كبيرين كانا أولى به.
وإنما قال " استحقا إثما " لأن آخذه يأخذه آثم، فسمي إثما كما يسمى ما يؤخذ منك مظلمة. قال سيبويه: المظلمة اسم ما يؤخذ منك، فكذلك يسمى هذا المأخوذ باسم المصدر.
فصل:
وقيل في معناه استحقا عذاب إثم، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، كقوله تعالى " إني أريد أن تبوأ بإثمي وإثمك " أي بعقاب إثمي وعقاب إثمك.
وقيل في معنى " عليهم " ثلاثة أقوال: