المدعي وجعلهما بمنزلة الرجل في هذا الموضع يحتاج إلى دليل شرعي والأصل ألا شرع وحملها على الرجل قياس وهو عندنا باطل والإجماع فغير منعقد والأخبار غير متواترة فإن وجدت فهو نوادر شواذ والأصل براءة الذمم، فمن أثبت بشهادتهما حكما شرعيا فإنه يحتاج إلى أدلة قاهرة إما إجماع أو تواتر أخبار أو قرآن وجميع ذلك خال منه فبقي دليل العقل وهو ما اخترناه وحققناه.
تقبل عندنا شهادة القاذف إذا تاب وأصلح، وكيفية توبته من القذف هو أن يقول: القذف باطل حرام ولا أعود إلى ما قلت، وقال بعضهم: التوبة إكذابه نفسه وحقيقة ذلك أن يقول: كذبت فيما قلت، روي ذلك في بعض أخبارنا والذي قدمناه هو الصحيح لأنه إذا قال: كذبت فيما قلت، ربما كان كاذبا في هذا لجواز أن يكون صادقا في الباطن وقد تعذر عليه تحقيقه فإذا قال: القذف باطل حرام، فقد أكذب نفسه وقوله: لا أعود إلى ما قلت، فهو ضد ما كان منه ويفتقر إلى صلاح العمل بعد ذلك وهو أن يعمل طاعة، هذا الكلام في قذف السب. وأما قذف الشهادة فهو أن يشهد بالزنى دون الأربعة فإنهم فسقة فالتوبة ههنا أن يقول: قد ندمت على ما كان مني ولا أعود إلى ما أتهم فيه، فإذا قال هذا زال فسقه وثبتت عدالته وقبلت شهادته ولا يراعى صلاح العمل ويجوز للحاكم عندنا أن يقول لإنسان: تب أقبل شهادتك، وإنما قلنا ذلك لأن النبي ع أمر بالتوبة وكذلك الله تعالى، هكذا ذكره شيخنا أبو جعفر الطوسي في مبسوطه ولا أرى بذلك بأسا.
ولا يجوز للشاهد أن يشهد حتى يكون عالما بما يشهد به حين التحمل وحين الأداء، لقوله تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم، وقال تعالى: إلا من شهد بالحق وهم يعلمون، ولما قدمناه من رواية ابن عباس عن الرسول ع قال: سئل عن الشهادة فقال للسائل: هل ترى الشمس؟ قال: نعم، قال: على مثلها فاشهد أو دع.
ولا يجوز للحاكم أن يقبل إلا شهادة العدل فأما من ليس بعدل فلا تقبل شهادته، لقوله تعالى: وأشهدوا ذوي عدل منكم، فالعدالة في اللغة أن يكون الانسان متعادل الأحوال متساويا، وأما في الشريعة هو من كان عدلا في دينه عدلا في مروءته عدلا في أحكامه. فالعدل في الدين أن لا يخل بواجب ولا يرتكب قبيحا وقيل: لا يعرف بشئ من أسباب الفسق، وهذا قريب أيضا. وفي المروءة أن يكون مجتنبا للأمور التي تسقط