وقول شيخنا في نهايته: ويقبل شهادة من يلعب بالحمام، غير واضح لأنه سماه لاعبا واللعب بجميع الأشياء قبيح فقد صار فاسقا بلعبه فكيف تقبل شهادته؟ وإنما أورد لفظ الحديث إيرادا لا اعتقادا وإن كان المقصود باللعب ما ذكرناه وهو اتخاذها للأنس وحمل الكتب دون اللعب.
ولا بأس بشهادة المراهن في الخف لأن المسابقة عليه جائزة ويدخل في الخف الفيل أيضا، ولا بأس بشهادة المراهن في الحافر لأنه مأمور بذلك ومحلل ويدخل فيه الفرس والبغل والحمار وكذلك المراهن في الريش - يعني النشاب - لأنه من النصال وكذلك النصل وقد يتوهم بعض من لا بصيرة له بهذا الشأن أن المراد بذلك الطيور في قوله: المراهن بالريش لا بأس بقبول شهادته، وهذا خطأ فاحش لأن الرمي والمسابقة لم ترد إلا في الحافر والخف والنصل فالنصل يدخل فيه النشابة التي هي للعجم والسهم الذي هو للعرب.
والحراب والمزاريق وما عدا ذلك فهو قمار يفسق فاعله به.
فأما إنشاد الشعر فهو مباح لا ترد شهادة فاعله ما لم يكن فيه هجر ولا فحش ولا تشبيب بامرأة ولا هجاء من لا يستحق الهجاء روى جابر بن سمرة قال: كنت عند رسول الله أكثر من مائة مرة فكان أصحابه ينشدون الأشعار ويذكرون أخبار الجاهلية قديما. وروى عمرو بن الشريد عن أبيه قال: أردفني رسول الله ص فقال: هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شئ؟
قلت: نعم، قال: هيه، فأنشدته بيتا فقال: هيه، فأنشدته حتى بلغت مائة بيت، هيه معناه الحث والاستزادة وأصله إيه وإذا زجرت قلت: إيها، وإذا أغربت قلت: ويها، وإذا تعجبت قلت: واها. وروي أنه ع كان في وليمة فسمع عجوزا تنشد:
أهدى لها أكبشا تبجبج في المربد زوجك ذا في الندي يعلم ما في غد قال محمد بن إدريس: أورد هذا جميعه شيخنا في مبسوطه، وتبجبج بالباء المنقطة من تحتها نقطة واحدة بالجيمين وبالباء بين الجيمين ومعناه تنفتق بالسمن يقال: بجها الكلأ إذا فتقها بالسمن فأوسع خواصرها، هكذا ذكره الجوهري في كتاب الصحاح